الإدريسية من ولده ، وهم إلى اليوم فى تلك الناحية مالكين أمرها ما ... وكانت جارية إدريس التى ولدت ابنه تسمى كثيرة البربرية.
وكان إبراهيم لما عزم على النهوض من الزاب لنصرة ابن العكى على تمام لم يجد مالا يقوى به ، فسأل التّجار أن يقرضوه مالا ، فتكلم رجلا منهم فقال : «أصلح الله الأمير ، والله لو قمت وسألتنا أن نخرج من أموالنا لفعلنا ذلك لك ، ولكنك تريد أن تخرج بعدة قليلة إلى أكثر من خمسين ألفا ، فإن أغناك عن الخروج فنحن أعدى الناس لك ، والذى منع الناس عن إجابتك إلى هذا ، أنهم يقولون إنّك مقتول». واستقر عند إبراهيم أن أمهات أولاده وخاصته أرسلوا إلى التجار يسألونهم ألّا يعينوه على الخروج خوفا عليه ، فلما علم ذلك احتال على أهله وولده ، بأن جمعهم وقال : «لقد كنا بهذا الرجل فى واد وهو لنا فى آخر ، أنا بالأمس أطلب العرض لأستعين به فى قتاله ، وقد جاءنى اليوم كتابه : يسألنى أن أقدم عليه حتى أمد له الأمان وأصلح أمر الناس فقد اجتمعوا على الرضا بما حكمت بينهم وبين ابن العكى ، فسرّوا بذلك ، فقال : «كيف أرحل بغير مال وقد حلفت ألا اقترض من التجار فى سفرى هذا شيئا ، فأتاه أهله وولده بما كان عندهم من مال وحلى وطمأنوه ، وجمع إبراهيم أهل بيته وبنى عمه وخاصته وكانوا سبعين فارسا ، ففى ذلك يقول بعض الشعراء :
هاتوا لنا رجلا أردى بنجدته |
|
سبعين ألفا بسبعين من النّاس |
ما مرّ يوم لإبراهيم يعلمه |
|
إلّا وشيمته للجود والبأس |
قال : فأقبل إبراهيم ، فوافاه عدّة من أهل خراسان وعدّة من عامة الجنود إليه من كل بلد ، ومعه عمرو بن معاوية ، وعمران بن مخالد ، وحماد بن أبى حماد ، فقام إبراهيم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وتكلم بكلام كثير حرّضهم به على قتال تمام ، وكان فيما قال لهم : «والله ما لكم من شام تلجأون إليه ولا عراق تستمدون منه ، ما لنا ملجأ إلا السيوف ، ولا تذرع إلا الصبر ، فمن عزم على غير هذا فقد أذنا له فى الانصراف» فقام