وعبد الوارث على قتل عبد الرحمن ، ووالاهما على ذلك جماعة من أهل القيروان من العرب وغيرهم ، على أن يؤم إلياس بن حبيب ويدعوا إلى أبى جعفر فروى أن عبد الرحمن بن زياد ابن أنعم ليلة قتل عبد الرحمن تعشى على مائدة ومعه صهر له يقال له شراحيل ، ممن كان وقف على سر القوم فى عبد الرحمن ، فقال لابن أنعم : «ابنتك طالق إن رفعت هذه المائدة الليلة من بين أيدينا حتى يقتل عبد الرحمن بن حبيب» فقال : «ويحك! حرمت عليك ...» فهم كذلك حتى سمع الصيحة ، فسألا فقيل : قتل عبد الرحمن بن حبيب. وكانت ليلة الأسداس. فأتاه إلياس فاستأذن عليه بعد العشاء الآخرة ، فقال : «ما جاء به وقد ودّعنى ، وقد كان إلياس على أن يخرج إلى تونس ، هل بقيت له حاجة ائذنوا له» فدخل فوجده فى غلالة وردية ، وابن له صغير له فى حجرة ، فقعد طويلا وعبد الوارث يغمزه ، فلمّا قام يودعه أكب عليه يعانقه ، فوضع السكين بين كتفيه حتى صارت إلى صدره ، فصاح عبد الرحمن وقال : «فعلتها يابن اللخناء! ثم ردّ إلياس بيده إلى السيف فضربه فاتقاه بمرفقه فأزال يده ثم ضربه حتى أثخنه ، وكانت جارية لعبد الرحمن ، فأخذت شعر إلياس من ... ، فالتفت إليها فهربت منه ، وخرج إلياس هاربا دهشا ، وجعل عبد الرحمن كلّما أراد أن ينهض سقط ، فلما خرج إلياس قال له أصحابه : «ما فعلت؟» قال : «قتلته» قالوا : «ارجع فحزّ رأسه وإلا قتلنا بآخرنا» فرجع ففعل وثارت الصيحة ، فأخذ إلياس أبواب دار الإمارة ، وسمع حبيب بن عبد الرحمن الصيحة ، فسأل عنها فأخبر بقتل أبيه ، وكان مع أبيه فى قصر الإمارة فلم يقدر على الخروج ، وخاف أن يقتله إلياس فسّرح نفسه إلى ناحية السماط ، ثم تحامل على وجهه إلى باب تونس حتى خرج من القيروان ، فلقيه عمرو بن عثمان القرشى راجعا من بعض منازله ، فلما رأه راجلا قال : «ما وراءك؟» قال : «قتل أبى» قال : «ومن به؟» قال : «عمى إلياس» فنزل عمرو بن عثمان ، ثم قال له : «دونك الفرس فاطلب بدم أبيك» ودخل عمرو بن عثمان القيروان مستترا ليلا ، يعرف فينكر مشيه راجلا ، وظن إلياس أن حبيبا فى دار الإمارة حين أخذ عليه الأبواب فأصبح حبيب بقرب تونس فاجتمع مع عمه عمران بن حبيب ، فأخبره بخبر أبيه ولحق بهما موالى عبد الرحمن من كل ناحية ،