وذكر ابن عبد البر سبب رجوعه وصفة قتله ، فنذكر ذلك على ما ذكره ، قال : ثم شهد الزبير الجمل ، فقاتل فيه ساعة ، فناداه على ـ رضى الله عنهما ـ وانفرد به ، وذكره أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض : أما إنك ستقاتل عليّا وأنت له ظالم ، فذكر الزبير ـ رضى الله عنه ـ ذلك ، فانصرف عن القتال ، فاتبعه ابن جرموز عبد الله ، ويقال عمير ، ويقال عمرو ، وقيل عميرة بن جرموز السعدى ، فقتله بموضع يعرف بوادى السبع ، وجاء بسيفه إلى على ـ رضى الله عنه ـ فقال علىّ ـ رضى الله عنه : بشر قاتل ابن صفية بالنار. وكان الزبير ـ رضى الله عنه ـ قد انصرف عن القتال نادما ، مفارقا للجماعة التى خرج فيها منصرفا إلى المدينة ، فرآه ابن جرموز ، فقال : أتى يؤرّش بين الناس ، ثم تركهم ، والله لا تركته ، ثم اتبعه ، فلما لحق بالزبير ، ورأى الزبير أنه يريده أقبل عليه ، فقال له ابن جرموز : أذكرك الله. فكفّ عنه الزبير ، حتى فعل ذلك مرارا ، فقال الزبير : قاتله الله ، يذكرنا الله وينساه ، ثم عافصه ابن جرموز فقتله.
وذكر ابن عبد البر من تاريخ قتله ، ووقعة الجمل ما سبق ، ثم قال : ولما أتى قاتل الزبير عليّا برأسه ، استأذن عليه ، فلم يأذن له. وقال : بشره بالنار ، فقال (١٢) [من المتقارب] :
أتيت عليّا برأس الزبي |
|
ر أرجو لديه به الزلفه |
فبشر بالنار إذ جئته |
|
فبئس البشارة والتّحفه |
وسيان عندى قتل الزب |
|
ير وضرطة عير بذى الجحفه (١٣) |
قال : وفى حديث عمرو بن جاذان ، عن الأحنف ، قال : لما بلغ الزبير سفوان ـ موضعا من البصرة ـ كمكان القادسية من الكوفة ، لقيه النضر ـ رجل من بنى مجاشع ـ فقال : أين تذهب يا حوارى رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ إلىّ ، فأنت فى ذمتى ولا يوصل إليك ، فأقبل معه ، وأتى إنسان الأحنف بن قيس ، فقال : هذا الزبير ، قد لقى بسفوان ، فقال الأحنف : ما شاء الله كان ، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ، ثم يلحق ببيته وأهله ، فسمعه عمير بن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع ، فى غواة من غواة بنى تميم ، فركبوا فى طلبه ، فلقوه معه النفر ، فأتاه عمير بن جرموز من خلفه ، وهو على فرس له ضعيفة ، فطعنه طعنة خفيفة ، وحمل عليه الزبير ، وهو على فرس له ، يقال له ذو الخمار ، حتى إذا كان ظن أنه قاتله ، نادى صاحبيه : يا نفيع ، يا فضالة ،
__________________
(١٢) انظر الأبيات فى الاستيعاب ٢ / ٥١٦.
(١٣) فى أسد الغابة : ................... وضرطة عيتر بذى الجحفه.