فحملوا عليه حتى قتلوه ، وهذا أصح مما تقدم ، والله أعلم.
وذكر ابن الأثير ، القول الأخير فى قتل الزبير مختصرا ، وذكر أن الزبير لما انصرف ، بعد أن ذكره علىّ ـ رضى الله عنه ـ بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، نزل بوادى السباع وقام يصلى ، فأتاه ابن جرموز فقتله ، وجاء بسيفه إلى على بن أبى طالب ، وقال : إن هذا السيف طال ما فرج الكرب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. انتهى.
وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر ، فى صفة قتله ، والله أعلم.
وقال ابن الأثير : وكثير من الناس يقولون : إن ابن جرموز قتل نفسه ، لما قال له على:بشر قاتل ابن صفية بالنار ، وليس كذلك ، وإنما هو عاش بعد ذلك ، حتى ولى مصعب ابن الزبير البصرة ، فاختفى ابن جرموز ، فقال مصعب : ليخرج ، فهو آمن ، أيظن أنى أقيده بأبى عبد الله؟ يعنى أباه الزبير ، ليسا سواء. فظهرت المعجزة بأنه من أهل النار ؛ لأنه قتل الزبير ـ رضى الله عنه ـ وقد فارق المعركة ، وهذه معجزة ظاهرة ؛ انتهى.
وذكر الزبير بسنده خبرا يقضى أن ابن جرموز ، أتى مصعب بن الزبير فسجنه ، وكتب إلى أخيه عبد الله بن الزبير يخبره بذلك ، فلامه على سجنه وأمره بإطلاقه ، وقال : أظننت أنى قاتل أعرابيّا من بنى تميم بالزبير؟ فخلى مصعب سبيله ، حتى إذا كان ببعض السواد ، لحق بقصر من قصوره عليه رحا ، ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه ، فطرحه فقتله ، وكان قد كره الحياة ، لما كان يهول عليه ويرى فى منامه ، وذلك دعاه إلى ما فعل ، وهو حزين متألم ، والله أعلم.
واختلف فى سن الزبير ـ رضى الله عنه ـ حين قتل ، فقيل : كان ابن سبع وستين سنة ، وقيل ابن ست وستين ، حكى هذين القولين : ابن عبد البر وابن الأثير والنووى ، وزاد ثالثا ، وهو : أنه كان ابن أربع وستين سنة ، وما عرفت من ذكر ذلك قبله. وأما القولان الأولان ، فذكرهما الزبير ، ولكنه حكاهما على الشك ؛ لأنه قال : قتل وهو ابن سبع وستين أوست وستين سنة. انتهى.
واختلف فى صفة الزبير ، فقال ابن عبد البر : كان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية. انتهى. وذكر ذلك ابن الأثير والنووى. وقال الزبير : إنه سمع عبد الله بن محمد ابن يحيى بن عروة يقول : كان الزبير بن العوام ، أبيض طويلا نحيفا خفيف العارضين. انتهى. وقال الزبير أيضا ، فيما رواه بسنده عن هشام بن عروة عن أبيه ، قال : كان الزبير ابن العوام طويلا ، تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة ، أشعر ، ربما أخذت بشعر كتفيه ، متوّذف الخلقة. انتهى. والله أعلم بالصواب.