النبى صلىاللهعليهوسلم حين رآه مقبلا إليه : «سهل أمركم». قال الزبير : فأسلم سهيل فى الفتح. وكان بعد إسلامه كثير الصلاة والصوم والصدقة. انتهى بالمعنى.
وقال النووى : قال سعيد بن مسلم : لم يكن أحد من كبراء قريش الذين أسلموا يوم الفتح ، أكثر صلاة وصوما وصدقة واشتغالا بما ينفعه فى آخرته ، من سهيل بن عمرو ، حتى شحب لونه وتغير ، وكان كثير البكاء ، رقيقا عند قراءة القرآن ، كان يختلف إلى معاذ بن جبل ، يقرئه القرآن ويبكى ، حتى خرج معاذ من مكة ، فقيل له : تختلف إلى هذا الخزرجى؟ لو كان اختلافك إلى رجل من قومك؟ قال : هذا الذى صنع بنا ما صنع ، حتى سبقنا كل السّبق ، لعمرى أختلف ، لقد وضع الإسلام أمر الجاهلية ، ورفع الله بالإسلام قوما كانوا فى الجاهلية لا يذكرون ، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا ، وإنى لأذكر ما قسم الله لى ، فى تقدم أهل بيتى من الرجال والنساء ، فأسر به ، وأحمد الله عليه ، وأرجو أن يكون الله تعالى نفعنى بدعائهم ، أن لا أكون مت على ما مات عليه نظرائى ، فقد شهدت مواطن ، أنا فيها معاند للحق.
وذكر ابن الزبير : أنه لما مات النبى صلىاللهعليهوسلم ، وارتدت العرب ، ماج أهل مكة وكادوا يرتدون ، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة ، كأنه يسمعها ، فسكن الناس وقبلوا منه ، وأمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد. انتهى.
وذكر ابن عبد البر : أن سهيلا قال فى خطبته : والله إنى لأعلم أن هذا الدين سيمتد امتداد الشمس فى طلوعها إلى غروبها ، فلا يغرنكم هذا من أنفسكم ـ يعنى أبا سفيان ـ فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلم ، ولكنه قد جثم على صدره حسد بنى هاشم.
وأتى فى خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة.
وذكر النووى أنه قال فى خطبته : يا معشر قريش ، لا تكونوا آخر من أسلم ، وأول من ارتد ، والله ليمتدن هذا الدين امتداد الشمس والقمر. فى خطبة طويلة.
ومقام سهيل هذا ، هو الذى أشار إليه النبى صلىاللهعليهوسلم بقوله لعمر ـ رضى الله عنه ـ حين سأله أن ينزع ثنيّة سهيل ، لا يقوم خطيبا على النبى صلىاللهعليهوسلم : «إنه يقوم مقاما تحمده».
قال ابن عبد البر : روى ابن المبارك ، قال : حدثنا جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يقول : حضر الناس باب عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ وفيهم سهيل بن عمرو ، وأبو سفيان بن حرب ، وأولئك الشيوخ من قريش ، فخرج آذنه ، فجعل يأذن لأهل بدر : لصهيب وبلال ، وأهل بدر ، وكان يحبهم ، وكان قد أوصى بهم ، فقال أبو سفيان : ما رأيت كاليوم قط ، إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد ، ونحن جلوس لا يلتفت إلينا ، فقال سهيل بن