وكان الحلة إقطاعه. وكان شجاعا جوادا سمحا قليل الكلام ، يمضى عليه الأسبوع ولا يتكلم ، استغاث إليه يوم رجل فلم يكلمه ، فقال له الرجل : الله كلم موسى ، قال : وأنت موسى! فقال الرجل : وأنت الله! فقضى حاجته. وكان حليما ، التقاه رجل فاستغاث إليه من نوابه ، فلم يجبه ، فقال له الرجل : أحمار أنت؟ فقال طاشتكين : لا. وقام يوما إلى الوضوء ، فحل حياصته ، وكانت الحياصة تساوى خمسمائة دينار فسرقها الفراش ، وهو يشاهده ، فلما خرج ، طلبها فلم يجدها ، فقال أستاذ داره : اجمعوا الفراشين ، وأحضروا المعاصير ، فقال له طاشتكين : لا تضرب أحدا ، فالذى ما يردها ، والذى رآه ما يغمز عليه.
فلما كان بعد مدة ، رأى على الفراش الذى سرق الحياصة ثيابا جميلة ، وبزة ظاهرة فاستدعاه سرّا ، وقال له : بحياتى هذه من ذلك ، فخجل. فقال : لا بأس عليك ، فاعترف فلم يعارضه.
وكان قد استأجر أرضا وقفا ثلاثمائة سنة ، ليعمرها دارا ، وكان ببغداد محدث فى الحلق ، يقال له : قبيح المحدث ، فقال : يا أصحابنا ، نهنيكم ، مات ملك الموت ، قالوا له: وكيف؟ قال طاشتكين : عمره مقدار تسعين سنة ، وقد استأجر أرضا ثلاثمائة سنة ، فلو لا يعلم أن ملك الموت قد مات ، ما فعل هذا ، فتضاحك الناس.
توفى طاشتكين فى سنة اثنتين وستمائة بتستر ، وحمل فى تابوت إلى مشهد على بن أبى طالب رضى الله عنه ، فدفن فيه ، لأنه أوصى بذلك.
كتبت هذه الترجمة مختصرة من ذيل الروضتين لأبى شامة.
وقد أرخ وفاته هكذا جماعة ، منهم بيبرس الدوادار فى تاريخه وترجمه بأمير الحرمين ، والحاج مجير الدين.
١٤٢٩ ـ طاوس بن كيسان الحميرى ، مولاهم ـ قاله الواقدى ـ وقيل الهمدانى ـ قاله أبو نعيم وغيره ـ اليمانى الجندى ثم المكى ، أبو عبد الرحمن :
أحد الأئمة الأعلام ، سمع عبد الله بن عمرو ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن
__________________
١٤٢٩ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٥ / ٥٣٧ ، مصنف ابن أبى شيبة ٣ / ١٥٧٨٢ ، تاريخ الدورى ٢ / ٢٧٥ ، الدارمى ٣٥٨ ، تاريخ خليفة ٣٣٦ ، طبقات خليفة ٢٨٧ ، علل ابن المدينى ٤٤ / ٤٧ ، ٧٣ ، ٧٥ ، علل أحمد ١ / ١٩ / ٢٤ ، ٤٦ ، ٤٧ ، ٥٧ ، ٦٣ ، ٧٤ ، ٨٢ ، ٩٢ ، ١٠٣ ، ١٦٣ ، ٢٨٥ ، ٢٩٦ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٥٧ ، ٣٦٢ ، ٣٧٧ ، ٣٩٤ ، ٤٠٥ ، ٤١٢ ، تاريخ البخارى الكبير ٤ / ٣١٦٥ ، تاريخ البخارى الصغير ١ / ٢٤٢ ، ٢٥٢ ، تهذيب الكمال ١٣ / ٣٥٧).