الدارمى : سألت يحيى بن معين عنه ـ يعنى داود ـ فقال : شيخ هاشمى ، إنما يحدث بحديث واحد.
قال أبو أحمد بن عدى : أظن أن الحديث فى عاشوراء. وقد روى غير هذا الحديث الواحد ، بضعة عشر حديثا ، ثم قال : وولى مكة ، فذكر ما سبق.
وذكر الفاكهى ، أن داود بن علىّ لما قدم مكة ، أطلق سديف بن ميمون من الحبس ؛ لأنه كان يجلد كل سبت لتقريبه ولاية بنى العباس ، وأن داود صعد المنبر فخطب فأرتج عليه ، فقام إليه سديف ، فخطب بين يديه ، الخطبة التى ذكرناها ، وهى مذكورة فى كتاب الفاكهى. وكان داود فصيحا مفوّها.
وذكر ابن سعد ، أن أبا العباس السفاح ، لما ظهر ، صعد ليخطب ، فحصر فلم يتكلم ، فوثب عمه داود بن على بين يدى المنبر ، فخطب ، وذكر أمرهم وخروجهم ، ومنّى الناس ووعدهم بالعدل ، فتفرقوا عن خطبته.
وذكر صاحب العقد له خطبتين بليغتين ، إحداهما خطب بها فى المدينة ، فقال : أيها الناس ، حتى م يهتف بكم صريخكم ، أما آن لراقدكم أن تهب من نومه (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين : ١٤]. أغركم الإمهال حتى حسبتموه الإهمال. هيهات منكم ، وكيف بكم والسوط لقا ، والسيف نسيم.
حتى تبيد قبيلة وقبيلة |
|
ويعض كل مثقف بالهام |
والثانية ، خطب بها فى مكة ، وهى : شكرا شكرا. والله ما خرجنا لنحفر فيكم نهرا ، ولا لنبنى فيكم قصرا ، أظن عدو الله أن لن نظفر به إذ مد له فى عنانه ، حتى عثر فى فضل زمانه.
فالآن عاد الحق فى نصابه ، وأطلعت الشمس من مشرقها ، والآن تولى القوس باريها ، وعادت النبل إلى النزعة ، ورجع الأمر إلى مستقره فى أهل بيت نبيكم ، أهل الرأفة والرحمة ، فاتقوا الله واسمعوا وأطيعوا ، ولا تجعلوا النعم التى أنعم الله عليكم ، سببا إلى أن تبيح هلكتكم ، وتزيل النعمة عنكم. انتهى.
وقد مدحه إبراهيم بن على هرمة على ما ذكر الزبير بن بكار بقوله (٢) [بحر المنسرح]:
__________________
(٢) انظر : (تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر ٥ / ٢٠٨ ، تهذيب الكمال ١٧٧٦).