مذاهب إسلامية فقط هي : الشافعي ، الحنفي ، المالكي ، الحنبلي ، وكان جل سكان مصر والشام شافعية ، وتلاهم الأحناف ، وكان الحنابلة والمالكية أقلية ، وفي أيام الظاهر بيبرس تأصل تعيين أربعة قضاة في القاهرة والنيابات ، قاض لكل مذهب ، وكان من اختصاص القضاة المسلمين الفصل في خصومات المسلمين وغير المسلمين ومشاكلهم إذا ما رغبوا ، ويبدو أن قاضي الشافعية كان مقدما على سواه في نيابة صفد ، وأن تعيين قاض للمالكية ، وآخر للحنابلة كان يهمل في بعض الأحيان ، وكان لكل قاض نوابه في مناطق النيابة ، ويبدو أن بعض القضاة قد خضعوا لضغوط النواب ، ومع انحطاط الدولة المملوكية وانتشار شراء المناصب ، شمل ذلك القضاء ، فقد كان جمال الدين يوسف بن الباعوني قاضيا للشافعية بصفد ، فعزل فتوجه إلى القاهرة فبذل المال فأعيد إلى منصبه سنة ٨٣٨ ه / ١٤٣٥ م ، وتولى قاض آخر هو ابن الفرعمي قضاء الشافعية مرتين في صفد عن طريق البذل ، وذلك في النصف الثاني من القرن التاسع للهجرة / الخامس عشر للميلاد (٦٨).
وعرفت نيابة صفد مفتيين فقط ، واحدا للشافعية وآخر للأحناف ، لكن فضلا عنهما كان بعض العلماء يتصدون للإفتاء بدون تكليف رسمي ، ذلك أن مهام المفتي تعلقت بتوضيح نصوص الشريعة والإجابة عن بعض الأسئلة الطارئة (النوازل)(٦٩).
وكان في نيابة صفد من تولى شؤون الأوقاف والإشراف على بيت المال ، وحفظ أموال الأيتام (٧٠) ، لكن أهم من هذه جميعا وأشهر كانت وظيفة الحسبة.
والأصل في عمل الحسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد تطورت هذه المؤسسة فبات القائم بها وهو المحتسب يتولى الإشراف على النظام العام ، ويشرف على الأسواق ، وعلى الآداب العامة ، ويتحقق من مراعاة الشرع في جميع مجالات الحياة (٧١).