وتورطت نيابة صفد في الصراعات التي قامت أثناء انتقال مقاليد السلطة من المماليك الأتراك إلى المماليك الشراكسة ، وحدث صراع بين السلطان الظاهر برقوق ، وبين الأميرين : تمربغا الأشرفي ، الذي عرف باسم منطاش ، ويلبغا الناصري (٨٩) ، وخلع برقوق واعتقل بالكرك سنة ٧٩١ ه / ١٣٨٩ م ، واستبد إثر هذا منطاش بالسلطة واعتقل شريكه يلبغا الناصري ، وتخلص برقوق من سجنه وتوجه نحو دمشق فحاول نائبها منعه.
وعندما وصلت أخبار ذلك إلى صفد ، خرج نائبها قطلوبغا على رأس قواتها ، وتوجه نحو دمشق لمساعدة نائبها ضد برقوق ، وكانت فرصة اغتنمها واحد من مماليك برقوق واسمه يلبغا السالمي ، فاستمال طائفة من مماليك صفد ، فتمكنت من الإفراج عن الأمراء الموالين لبرقوق ، الذين كانوا مودعين في سجن قلعة صفد ، وتمكن من صفد وبات يديرها باسم برقوق. ودخل برقوق إلى صفد في ٧ محرم ٧٩٢ ه / ٢٦ كانون الأول / ديسمبر ١٣٨٩ م ، واستناب فيها واحدا من الأمراء الموالين له ، وكان اسمه إياس الجرجاوي (٩٠).
وعاد برقوق إلى السلطنة ، وهرب منطاش نحو دمشق ، ومنها أخذ يسعى لاسترداد السلطنة ، فأرسل في عام ٧٩٢ ه / ١٣٩٠ م جيشا بقيادة قطلوبغا إلى مصر ، حيث وضع نفسه تحت تصرف السلطان برقوق.
وبعد مضي شهرين جدد منطاش محاولته ضد صفد ، فأخفق ، واستمرت حامية المدينة في موقفها الموالي لبرقوق ولم تتبدل حتى انتهى الصراع سنة ٧٩٥ ه / ١٣٩٣ م وقضي على منطاش (٩١).
إن ما قامت به صفد خلال هذه الأحداث يشير إلى مدى أهميتها ، فقد غدت محطة للانطلاق إلى دمشق ، وللتوجه نحو مصر ، أو لمنع أية قوات تريد مصر من الشام من التقدم.