وتوفي برقوق سنة ٨٠١ ه / ١٣٩٩ م ، وولي السلطنة بعده ابنه فرج بوصية منه ، وسرعان ما اضطربت الأحوال وبات الصراع على السلطة في مصر وغيرها حادا ودمويا بين صفوف المماليك الشراكسة أنفسهم ، وبينهم كجماعة ، وبين المماليك الأتراك ، ولهذا عانت بلاد الشام ككل ، ونيابة صفد بمفردها من هذه الصراعات كثيرا.
وفي هذه الأثناء كان الضعف قد ألم بالكيان المملوكي وبالبناء العسكري للسلطنة ، ونشطت الميليشيات المحلية (زعر ـ حرافيش) في المدن الشامية الكبرى ، وفي الوقت نفسه تهيأت الفرصة مجددا أمام عشائر البدو لتسهم في الصراعات على السلطة ولتتصارع محليا (٩٢).
وبعدما تولى فرج بن برقوق السلطة خرج عليه الأمير تنم الحسني نائب دمشق ، وسعى إلى استمالة نواب الشام إلى جانبه ، وبالفعل انضم إليه نائب صفد الأمير الطنبغا العثماني ، لكنه تخلى عنه وعاد إلى طاعة السلطان بعدما هزمت عساكره أمام جيوش فرج بن برقوق قرب غزة سنة ٨٠٢ ه / ١٤٠٠ م (٩٣).
وفي سنة ٨٠٧ ه / ١٤٠٤ م خرج الأمير جكم نائب حلب عن الطاعة للسلطان ، وما لبث أن أيده الأمير شيخ المحمودي نائب دمشق مع عدد آخر من أمراء الشام ، ورفض نائب صفد الأمير بكتمر شلق الانضمام إلى حركة العصيان ، فحاول شيخ المحمودي أخذ صفد على حين غرة فأخفق ، وهنا قرر أخذها عنوة فجهز المعدات الثقيلة والأسلحة الجماعية ، وحشد قوات دمشق وعشائرها وزحف ضد صفد ، ونزل عليها محاصرا في ٢٠ شعبان ٨٠٧ ه / ٢٢ شباط / فبراير ١٤٠٥ م ، وطالب أن تسلم له المدينة ، فرفض بكتمر شلق ، واتخذ موقف الدفاع فقصف شيخ قلعتها وأجزاء من المدينة مما عرضها للهدم كما قطع أشجار المدينة ، وبعد مضي قرابة الشهر وصل جكم إلى دمشق فرفع شيخ الحصار عن صفد وتوجه إلى دمشق حيث اجتمع بحليفه وقررا معا الزحف نحو