تشكل جزءا هاما من أعطيات الجند ، واستمر هذا الحال طوال العصر الأموي والجزء الأكبر من العصر العباسي. وفي عصر التحكم البويهي عندما صار رجالات الجند هم الطبقة العليا المتصرفة بشؤون الدولة صار هؤلاء ملاكا للأرض ومستغلين لها ، إنما مقابل خدمات عسكرية بحكم الاختصاص والوظيفة ، ويعدّ هذا بداية ما عرف باسم «الإقطاع العسكري».
وتطور نظام الإقطاع العسكري وأرسيت قواعده خلال العصر السلجوقي. وقد طبق السلاجقة هذا النظام في بلاد الشام إثر دخولها في حوزتهم في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري / الحادي عشر للميلاد ، وعن السلاجقة ورث الأيوبيون ومن بعدهم المماليك هذا النظام.
وكان للسلاجقة سياسة دينية خاصة ، فاهتموا برجال الدين وبإقامة المؤسسات الدينية. وترافق هذا مع نشاط التصوف وانتشاره فقاد هذا كله إلى قيام ما يمكن دعوته باسم «الإقطاع الديني» ، حيث حصرت الوظائف الدينية بأسر محددة وباتت الوظائف والمناصب يتم توارثها بشكل منتظم. وكما سيطر الإقطاع العسكري على معظم الأراضي الصالحة للزراعة ، شاركه الإقطاع الديني وجاء بعده بالمنزلة. على أن معظم ممتلكات هذا الإقطاع عرفت باسم الأوقاف محافظة بذلك على تسمية قديمة متوارثة (١٣).
إن استيلاء الإقطاع العسكري والديني على الجزء الأعظم من الأراضي الزراعية لم يلغ الملكية الفردية الخاصة ، أضف إلى هذا أن الإقطاع العسكري لم يكن في غالب الأحيان تملكا دائما للأرض بل استغلالا. فالقاعدة قضت بإعطاء الأرض بدلا من الأعطيات ونظيرا للخدمة العسكرية ، ولهذا غالبا ما حملت في العصر المملوكي اسم «الخبز أو الأخباز».