والقاعدة في الإقطاع العسكري عدم التوريث ، لكن حدث وخرقت هذه القاعدة ، ولهذا كان بعض سلاطين المماليك يلجأون إلى إعادة مسح الأرض وحصرها في سجلات ومن ثم إعادة توزيعها ، وهذا ما كان يطلق عليه اسم «الروك» (١٤). وتشير الأخبار المرتبطة ببدايات ظهور نيابة صفد أنه في سنة ٦٦١ ه / ١٢٦٢ م أغارت قوات الظاهر بيبرس على الناصرة ، وجبل طابور فحررت بعض الأراضي هناك ، وطردت المتسلطين عليها من الفرنجة ، وقام الظاهر بيبرس بمنح هذه الأراضي إقطاعا لأمراء قواته ، وكتب لهم مناشير بذلك (١٥).
وبعد تحرير صفد سنة ٦٦٤ ه / ١٢٦٦ م أقطع السلطان الظاهر بيبرس صفد والأراضي المحيطة بها لمن أبقاه فيها من الأمراء والجند ، وقدرت قيمة هذا الإقطاع آنذاك بمبلغ ثمانين ألف درهم (١٦). وبعد تحرير عكا أعطى السلطان عددا من الأمراء المماليك إقطاعات من أراضيها (١٧).
وتفيد مختلف الأخبار أن المماليك طبقوا نظام الإقطاع العسكري في مختلف النيابات الشامية ومنها صفد ، وجاء التطبيق بإعطاء بعض الإقطاعات للجند والأمراء مقابل خدماتهم العسكرية. كما أن السلطنة كانت تنتزع الإقطاع من بعض الأمراء وتمنع التوريث. ففي سنة ٧٢٧ ه / ١٣٢٦ م كتب الأمير سيف الدين أرقطاي نائب صفد إلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون يشكو من نجم الدين فيروز ، وكان من أمراء صفد ، وأمر السلطان باعتقال فيروز في قلعة صفد وبذلك قطع خبزه ، أي انتزع منه ليعطى إلى غيره. وفي السنة نفسها نقل إلى صفد الأمير أيبك البكتوتي من القاهرة ، ومنح إقطاع فيروز (١٨). هذا ويلاحظ أن الأمراء الذين كانوا يخدمون في نيابة صفد أو سواها لم تنحصر إقطاعاتهم حيث تمركزوا ، بل غالبا ما كانت موزعة على أكثر من موقع ، وجاء هذا الإجراء لمنع التوريث والاستبداد في منطقة محددة