خزانة أرغون نائب حلب (٧٣١) عامرة بالكتب النفيسة. ومن الخزائن المشهورة خزانة ابن فضل الله العمري وابن مالك النحوي وابن خلكان المؤرخ.
واقتنى بعض ولاة العثمانيين في الشام كتبا نفيسة بطرق مختلفة ومنهم سنان باشا صاحب الجامع خلف مائة وستين مصحفا مرصعا بالدر والجوهر وخمسة وثلاثين صندوقا مملوءة بالكتب التي لا تقدر بثمن ، وكانت الصناديق مرصعة باليواقيت والمعدن. وكل هذا أخذه صاحبه من اليمن والشام وغيرها ونقل إلى الاستانة. وكان في القرن العاشر في الجامع الأموي بدمشق خزانة كتب خاصة بالمالكية والأمين عليها مفتي أهل هذا المذهب. ووقف علي الدفتري من أهل القرن الحادي عشر كتبا نفيسة غالية بدمشق. وكان لبولس الزعيم اللبناني من أهل القرن السابع عشر للميلاد خزانة مخطوطة.
ولم يبلغنا أن قامت للكتب سوق في وراء جنوب دمشق من الأرجاء إلى أقصى حدود الشام ، مع أن بعض أقاليمها أنجبت علماء أجلاء مثل قمرا وامتان وعرّمان ونجران وشهبة وصرخد وبصرى والصلت ووادي الأردن وجبل الشراة وعمّان ومعان والشوبك وعجلون وأذرعات وجرش والسويداء.
وبعد فقد كانت الوراقة أو صنعة الكتب من نسخ وتجليد وتذهيب صناعة رائجة ومن أهم الصناعات في العهد القديم ، والناسخ يرزق بقدر إجادته الخط أو الخطوط التي يعرفها ويحسنها. وكذلك المجلد والمذهب يكافأ كل واحد منهما بحسب غنائهما. وكان كثير من العلماء يكتبون الخط المنسوب أي الخط ذا القاعدة وينسخون نسخا لا بأس به ويعيشون من نسخهم. ومنهم من كانوا يتعففون عن القضاء ، أو تولي شيء من أمر الأمة ، ويؤثرون أن يعيشوا بالنسخ أو الوراقة أو الاتجار بالكتب ، ومنهم من أثروا منها. وكان في كل حاضرة سوق لبيع الكتب يختلف إليه العلماء والأدباء. ومن العلماء من نسخوا المئة بل المئات من الكتب ، ومنهم من نسخ ألف مجلد في حياته. ولم يكد الكتاب يخرج من يد مؤلفه خصوصا إذا كان من المشاهير الثقات حتى تتعاوره الأيدي بالنسخ ، ويتنقل من قطر إلى قطر ، ويتداول في الأيدي ، ويجلد ويوضع في القماطر.
وقد جاء زمن على دمشق (من القرن السابع إلى القرن الحادي عشر)