إيليا (الخضر) وتلميذه اليشاع (اليسع). وفي بعض دور الكتب العبرية في دمشق إلى اليوم آثار مخطوطة يرجع عهدها الى القرن الحادي عشر للميلاد. وصفوة القول أن اليهود لم ينقطعوا عن الشام لا سيما عند فتح المسلمين لها إذ ثبتت أقدامهم فيها وتوفرت لهم أسباب الهناء والرخاء.
ولم تؤثر التطورات والفتوحات التي وقعت في هذا القطر في اعتقاد اليهود الديني ولا غيرت شكلا من مراسمهم ، بل كانت بالعكس سببا قويا لتضافرهم وتحفزهم لدرء كل ما من شأنه أن يفسد لهم معاملاتهم وعاداتهم. وما زالوا منذ الخلقة كسائر اليهود يعبدون الله عزوجل ويوحّدونه ويعرفونه بيهوه كما تسمى إلى آدم وإلى الآباء والأنبياء بقوله لهم باللفظ العبري : «إني ي ه وه» أي أنا يهوه.
وقد فصل المجتهدون من علماء اليهود اسمه المقدس تفصيلا وافيا خلاصته باللغة العبرانية : «هيا ، هيو ، يهيه» ومعناه كان (في الماضي) وكائن (في الحال) وسيكون (في المستقبل) أي إنه تعالى حي قيوم دائم إلى الأبد. وكان يرفق أحيانا اسمه الكريم في التوراة كلمة «إلوهيم أو شدّاي» ومعناهما الجبروت والشدة. ويحترم اليهود أيضا الأنبياء الذين أوحي اليهم في زمن ملوكهم وعددهم ٤٨.
يتآلف اليهود مع مواطنيهم مهما اختلفت نزعاتهم. فهم فرنسيس في فرنسا ، وروس في روسيا ، وإنكليز في بريطانيا ، وهنا أيضا لا يختلفون عن الشاميين من حيث الأخلاق والزي. ولأسمائهم دخل قوي في الألفة مع مسلمي الشام. فهم يتسمون بأسماء لا يسمى بها غيرهم من اليهود كصبحي وصبري وعارف ومراد ويحيى وعبده وبهية وعائشة وجميلة إلى ما هنالك من الأسماء العربية المحضة ، ومما يزيد ائتلافهم مع المسلمين أنهم مضطرون بحكم الدين الموسوي أن يراعوا مثلهم أحكام الختان والغسل والطهارة.
ولغة اليهود «العبرية» أينما حلّوا ورحلوا يتعرف بها بعضهم إلى بعض وبها يؤدون فروض صلواتهم اليومية وشعائرهم الدينية ، ولغتهم هذه هي شقيقة اللغة العربية. فإن الصرفيين العرب لا يتعذر عليهم معرفة دقائق الصرف العبراني وكذلك العبرانيون لا يصعب عليهم تعلم اللغة العربية والتعمق