المذكورة ، مع أن الكنيسة كلها شرقا وغربا اشتركت فيه وقررت أحكامه بالاتفاق التام جريا على عادتها فيها. وسبب ذلك أنه لم يلتئم بعده مجمع مسكوني تام الشروط ليثبت صلاحيته الشرعية اتباعا لنظام المجامع.
ونشرت كنيسة رومية الدين المسيحي في شعوب أوربا أيام كان الله خاتما على قلوبهم ، فبذلوا لها مقادتهم وخشع ملوكهم أمام أساقفتها فعصفت في رؤوس الباباوات زوابع المجد العالمي واسترسلوا في سعيهم وراء السلطة المطلقة على الممالك والكنائس ، فنزل جهل الغرب المطبق على مقترحهم وأسدر عيونهم نور الشرق ـ والشرق مبعث النور ـ فنصح لهم البطريركان المسكونيان أن يتّزعوا ، فما كان منهم إلا أن غلوا في طغيانهم فنبذتهم الكنيسة بمجمع التأم على عهد القيصر قسطنطين مونوماخس والبطريرك ميخائيل المذكور ، فعمدوا بعد يأسهم إلى القوة البدنية توصلا إلى ما اشرأبت إليه أطماعهم فسيروا على الشرق الحملات الصليبية التي سوّدت بإفحاشها فيه مجلدات برمتها حتى محقها المسلمون وطهروه منها وردوا على الكنيسة الأرثوذكسية حقوقها التي منحها إياها الخليفة عمر بن الخطاب وخلفاؤه. فمقت الروم اللاتين حتى آثروا أن يروا عمامة السلطان محمد الثاني (الفاتح) في كنيسة أجيا صوفيا على أن يروا فيها كمة البابا.
ولما انحجب نور الشرق عن رومية تاهت كنيستها في شعاب الباطل فأجفل منها معظم أمم أوربا متعوذين بالمذهب البرتستانتي ، فأنشأت لهم «ديوان التفتيش» المشهور بفظائعه. ثم لما سطع فجر العلم في أوربا وامتنع عليها إكراه الناس على التدين بما تمليه عليهم عمدت إلى دهاء الرهبانيات كالجزويت والكبوشيين وغيرهم فاستغوت بالمال حزائق من الطوائف الشرقية القديمة ، منها حزيقة الروم الكاثوليك الذين استغوتهم من الملة الأرثوذكسية فانتحلوا لأنفسهم وصف «الملكيين» ليوهموا الناس أنهم الأصل ولكنهم لم يوهموا إلا أنفسهم فصدق فيهم قول المتنبي :
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه |
|
وصدق ما يعتاده من توهم |
أما الحقيقة التاريخية فهي أن القائلين «بالطبيعة الواحدة» من أقباط مصر