وجه بتأويل القرآن ومعرفة رموزه. وللحساب المستخرج من قيمة الحروف العددية شأن كبير. ومتى اقتنع المدعو بقوة البراهين التي أوردها له الداعية يستحلفه بأن لا يبوح بأدنى سر من الأسرار التي سيفضي بها إليه ، ويعلمه بأن الواسطة للنجاة أن يخضع خضوعا أعمى لأوامر الإمام الروحية والزمنية. وجمهور المؤمنين بهذه الدعوة ما كانوا يقفون على أكثر من الدرجة الأولى أو الثانية من الأسرار ، والدعاة يصلون إلى الدرجة السادسة إلا قليلا. ولا يبلغ الدرجة العالية إلا بعض الممتازين. وهذا أشبه بتعاليم الشيعة والمتصوفة في تعيين درجة الإنسان الكامل.
والجنة معناها مجازا حالة النفس الواصلة إلى كامل العلم ، وجهنم معناها الجهل ، وما من نفس يحكم عليها بالخلود في جهنم على الأبد ، بل تعود إلى الأرض بالتناسخ حتى تعرف إمام الزمان وتأخذ عنه علوم الدين. والشر لا بقاء له ولا بد من زواله يوما بتمثل كل الموجودات في العقل العام تمثلا تدريجيا. ومع ما اشتهر عن الإسماعيلية من القتل يجب أن نذهب إلى أن ما اجترحوه لم ينشأ عن عقيدة لهم بل يجب أن ينظر فيه إلى الإفراط الذي عرف به رؤساؤهم في نيل السلطة السياسية. وقال رسو من السياح : إن من عرفهم من الإسماعيلية هم على جانب عظيم من الكرم ولطف الأخلاق ، وقلما يحبون التنقل ويعملون في أرضهم ويتمسكون بأهداب دينهم الذي يخالف مذهبهم القديم كل المخالفة ، وهم أشداء عند الحاجة خاضعون لزعمائهم. انتهى قول هوار.
ولم يعرف الزمن الذي نزل فيه الإسماعيلية بعض أرجاء الشام إذ لم يجر لهم ذكر قبل أوائل القرن الخامس للهجرة. وكان الحكيم المنجم وأبو طاهر الصائغ وهما من دعاة الإسماعيلية وأمثالهما من العجم أول من أظهر هذا المذهب بالشام في أيام الملك رضوان بن تتش السلجوقي صاحب حلب الذي أغضى عنهم وأراد اتخاذهم حزبا له فقبل دعوتهم على ما قيل ، واستمالوا إليهم خلقا كثيرا بسرمين والجوز وجبل السماق وبني عليم وجعل لهم في حلب دار دعوة. ولم يلبثوا أن اغتالوا في جامع حمص (٤٩٦) عمه جناح الدولة صاحب حمص ، تولى ذلك ثلاثة من العجم يلبسون لباس الصوفية