بينما كان يتهيأ لغزوة صنجيل أمير طرابلس من الصليبيين لرفع الحصار عن حصن الأكراد. ولم يلبث هذا الطبيب المنجم أن قضى نحبه عاهدا بالدعوة إلى رفيقه أبي طاهر الصائغ. واستولى الإسماعيلية على أفامية من الصليبيين ثم استرجعها هؤلاء منهم (٤٩٨) ووضع السيف في الإسماعيلية بحلب سنة (٥٠٧) و (٥٠٨) كما وضع فيهم في دمشق سنة (٥٢٢) (خطط الشام ج ١ وج ٢) وكذلك كان حالهم في الباب من عمل حلب. قال ابن جبير : فداخلت أهل البلاد الحمية فتجمعوا من كل أوب عليهم ووضعوا السيوف فيهم فاستأصلوهم عن آخرهم. وقال : إن الإسماعيلية يبذلون الأنفس دون إمامهم سنان وحصلوا من طاعته وامتثال أمره بحيث يأمر أحدهم بالتردي من شاهقة جبل فيتردى. وفي تلك السنة أيضا قتلوا برق بن جندل أحد مقدمي وادي التيم. وفي سنة (٥٧١) حاول أحد الإسماعيلية من العجم اغتيال السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فأنجاه الله وأغضى الطرف عنهم. وفي سنة (٥٨٨) قتل الإسماعيلية كونراد أمير صور. وبعد مدة قتلوا ريموند بن بويمند الرابع المعروف بالأعور أمير أنطاكية من الصليبيين قتلوه في الكنيسة. وفتح الظاهر بيبرس والتتار قلاعهم وخضعوا بعد ذلك لمماليك مصر.
وكان للإسماعيلية في بلاد العجم وقائع عظيمة وهم الذين قتلوا الوزير نظام الملك في بغداد وغيره من رجال الإسلام حتى ضاقت بهم الصدور. وقد سموا أوائل دخول الصليبيين إلى الشام بالحشاشين أو القتلة (Les assassins) لأن رؤساءهم كانوا فيما قيل يعطون الحشيشة لمن يريدونه على قتل أحد خصومهم السياسيين. وكان الصليبيون يطلقون على رئيسهم شيخ الجبل. وقد نالوا من الصليبيين كثيرا كما نالوا من أمراء المسلمين. وهم جمعية سياسية ترمي إلى إقامة ملك. وما كان هذا القتل منهم عن باعث مذهبي بل سياسي. على أنهم أخافوا رجال السياسة في هذه الديار وهي في أشد أوقات ضيقها زمن الحروب الصليبية وحروب التتار. ويبلغ عدد الإسماعيلية اليوم في الشام نحو خمسة وثلاثين ألفا منهم جماعة في سلمية وفي قلاع الدعوة في جبل النصيرية. ومن الإسماعيلية عشرات ألوف في العجم والهند والأفغان وعمان ومسقط وزنجبار وإفريقية الشرقية. وإسماعيلية هذه الديار يجبون