فيدخله ويضع يده بيد عرسه ويدخل بهما إلى غرفتهما ويذهب بسلام.
هذه حفلات الزواج وعوائد القوم قديما ، واليوم قد زيد عليها معاينة صحة الزوجين ، وينظرون إلى الكفاءة العلمية قبل كل شيء مما يبشر الأسرة المقبلة بأعلى درجات السعادة الزوجية ، وهذا الشكل في تأسيس الأسرة يعض عليه المحافظون بالنواجذ ، ويؤيدونه بكل ما أوتوا من قوة ، ويرونه أضمن لحفظ السعادة البيتية من جميع أشكال النظم المتبعة في العالم.
ومن عاداتهم الخروج أواخر فصل الشتاء وأوائل الربيع إلى المتنزهات العامة يوما في الأسبوع لاستنشاق الهواء النقي ، على اختلاف عادهم ومذاهبهم ، نساء ورجالا ، وتكون أماكن جلوس النساء خاصة بهن غالبا ، ولا يتيسر للرجال أن يخالطوهن بحكم العادة ، والشاذ قليل. ومن العادات القديمة التي نشأت من الأمية أيضا سماع القصاص في المقاهي وقد تلاشت الآن هذه العادة ، وكان يجتمع في المقهى عدد يختلف بحسب المحل والقصاص ، يتصدر القصاص «الحكواتي» في صدر المكان ويقرأ لهم غالبا القصص التي يرغبون فيها مثل رواية عنترة والزير وأبي زيد وهي روايات حماسية ، تمثل الشجاعة والكرم والأنفة والحمية والوفاء والصدق والمروءة والجرأة وحفظ الذمام ورعاية الذمار والجار ، إلى آخر ما هنالك من مكارم الأخلاق ينسبونها إلى أبطال الرواية ، ويجعلون نهاية النصر لهم والدائرة على مناوئيهم ، ويصفون الخصوم بالجبن والكذب والبخل والرياء والغدر والخيانة والنكث بالعهد إلى آخر ما هنالك من مفاسد الأخلاق ، مما يربي نفوس السامعين على حب الفضائل ويحبب إليهم العمل بها ، ويبغض إليهم النقائص ويحملهم على البعد عنها ، وغالب من يجتمعون لسماع تلك الأقاصيص من طبقة العوام ، وهم متصفون ببعض تلك الفضائل.
ومن ملاهيهم خيال الظل والعوام يدعونه «قره كوز» ، وكان في أول القرن الحاضر من أشد العوامل تأثيرا في تهذيب الأخلاق وتقويمها ، بما يلقيه أستاذ هذا الفن المشهور بدمشق علي بن حبيب على ألسن تلك الخيالات من المواعظ الأخلاقية ، بعبارات ملؤها انتقاد ، تفعل في قلب أشد الناس بلادة ، وكان يصور في كلامه العادات السيئة المتفشية في عصره ، ويظهرها