الأقليات في الغالب تفنى في الأكثريات. بيد أن الحال كانت على ذلك قبل الانتباه الأخير في الأقلية. مثال ذلك أن النساء المسيحيات في نابلس وحماة يحتجبن كالمسلمات مراعاة لعادات الأكثرية.
ولباس أهل بلاد غزة والخليل ونابلس كلباس أهل حوران ، كوفية وعقال وعباءة وقفطان. وكذلك أهل بر حماة وحمص والمعرة وما إليها مما هو في سمت الشمال من الأصقاع. وسكان قرى حلب القريبة ، كسكان قرى دمشق يلبسون العمائم. وهذه لا تلبث أن تزول بالطربوش ، لأن المتعلمين من أبناء القرى يؤثرون لباس الطربوش على العمامة أو الكوفية. دع أهل المدن فقد قلت العمائم فيها. ولذلك يصح أن يقال : إن القبعة تهزم الطربوش من الساحل ، والطربوش يهزم العمامة في الوسط ، والعمامة تهزم الكوفية والعقال من سائر أطراف القطر النائية. وهكذا لا ترى وحدة في اللباس في أية ناحية من أنحاء الشام اجتزت بها. وقد يظن الغربيّ الذي اعتادت عيونه رؤية التوحيد في الملابس ، إذا مرّ بإحدى الحواضر عندنا ، أنه في قاعة تمثيل هزلي ، تعرض فيها صور من البشر غريبة في حركاتها وألبستها.
جاء في «دواني القطوف» أن عادات الحورانيين في أعراسهم وولاداتهم ومآتمهم شبيهة بعوائد سورية القديمة ممتزجة ببعض عادات العرب ، مثل دفع الخاطب لوالد عروسه نقدها في القديم عشرة آلاف غرش فخفض إلى ستة آلاف ثم إلى ألفي غرش فقط لعهدنا هذا عند المسيحيين. وعندهم الألطاف (النقوط) ورشق العروس عند مرورها في البلد بالعنصل (بصل الفار). وفي المآتم يحملون الطعام إلى بيت الميت. ومدة النوح سبعة أيام كاملة. ومن العار عندهم بكاء الرجال إلى غير ذلك. وأهم ملابس الرجال القمصان الطويلة البيضاء المرسلة الأردان ، والغنباز من نسيج الديما القطنية أو الحريرية ، وسلطة (قنطيشة) واسعة الكمين قصيرة ، من الجوخ الأزرق ، مطرزة بالحرير الأحمر الناتئ ، والفقراء يتخذونها من الخام الأزرق بلا طراز. وعلى رؤوسهم الكوفية والعقال. وفي أرجلهم المداس و «الجزمة» (الحذاء) أما ملابس النساء فقميص أزرق ملون التطريز ، واسع الأردان والأكمام ،. وفوقه «سلطة» أكبر مما يلبسه الرجال إما من الخام أو الجوخ. وعلى رؤوسهن