«شنبر» أسود حريري. فالمتزوجات يتلفعن به ويربطنه من الوراء. والعزبات يعصبن رؤوسهن فوق المنديل. ويلبسن (البوابيج) الصفراء والجزمات القصيرة ، ويتخذن زنارا من الفضة (حياصة) قيمته أكثر من ألف غرش ، وله ذوائب مسترسلة ، وفي معاصمهن أساور فضية ضخمة ، وفي أرجلهن خلاخيل فضية ، وفي آذانهن تراكي ذهب (حلق مستدير) ، وعلى رؤوسهن عصابة من قماش مرصوفة بنقود ذهبية تعرف بالشكة ، وفي أصابعهن خواتم فضية. ويستعملون جميعهم نساء ورجالا الوشم إلى غير ذلك مما يختلف باختلاف حالتهم اه.
وعادات السكان في القرى تتشابه وكذلك ألبستهم ، وكلما بعدوا عما يقال له التمدن تمازجوا وتضامنوا ، فما يزال المسلمون في بعض قرى وادي بردى إذا كان عند جارهم المسيحي فرح أو ترح يأتي المسلمون يخدمون ضيوفه ، ويقدمون له الهدايا ليبيضوا وجهه أمام الواردين عليه وبالعكس. وهذا من أجمل العادات في التضامن بين أهل البلد الواحد. وعادات المسلمين في الساحل والداخل متشاكلة ، وكلها مقتبس من عادات أهل دمشق. فدير الزور وحلب وحماة وحمص والمعرة وأنطاكية واللاذقية وطرابلس وبعلبك وبيروت وصيدا وصور وصفد والنبطية والصلت ونابلس وعكا وحيفا ويافا والقدس والخليل وغزة ، وبالجملة فكل بلد فيه كتلة إسلامية أو مسيحية من السكان لا تجد عاداته إلا دمشقية ، وأهله يقتبسون من دمشق إلى اليوم ما يروقهم من عاداتها ، ومدينة دمشق محبوبة تهفو إليها نفوس الشاميين عامة ، وأهلها محبوبون للرقة التي فطروا عليها ، ولأنهم يعطفون كثيرا على الغريب ، وربما أغرقوا في عطفهم وآثروه على ابن حيهم ، وكل من دخلها ولا سيما من سكان القطر متى خرج منها اكتأب ودعا لها بالعمار ولو خسر فيها جزءا من ماله. قال القزويني : «وأهل دمشق أحسن الناس خلقا وخلقا وزيا وأميلهم إلى اللهو واللعب ولهم في كل يوم سبت الاشتغال باللهو واللعب.» ووصف اجتماعهم هذا الذي يدعى اليوم سبتية أي يوم يسبتون وما يجري فيه من المساخر والصراع والغناء والألعاب بما لا يخرج الآن عما كان منذ نحو ألف سنة. والغالب أن السبتية من عادات اليهود سكان البلاد الأصليين كما