أو بدره أو نجمه أو زينه أو بهائه أو جماله أو مجده أو فخره أو شرفه أو معينه أو محييه أو زكيه أو نجيبه إلى ما لا غاية له من هذه الألفاظ الموضوعة ، وتتبعها ولا سيما في الفقهاء بما شئت أيضا من سيد العلماء وجمال الأئمة وحجة الإسلام وفخر الشريعة وشرف الملة ومفتي الفريقين إلى ما لا نهاية له من هذه الألفاظ المحالية ، فيصعد كل واحد منهم إلى الشريعة ساحبا أذياله من الكبر ثانيا عطفه وقذاله قال : ومخاطبة أهل هذه الجهات قاطبة بعضهم لبعض بالتمويل والتسويد وبامتثال الخدمة وتعظيم الحضرة ، وإذا لقي أحد منهم آخر مسلما يقول : جاء المملوك أو الخادم برسم الخدمة كناية عن السلام ، فيتعاطون المحال تعاطيا ، والجد عندهم عنقاء مغرب. وصفة سلامهم إيماء الركوع أو السجود فترى الأعناق تتلاعب بين رفع وخفض وبسط وقبض وربما طالت بهم الحالة في ذلك ، فواحد ينحط وآخر يقوم وعمائمهم تهوي بينهم هويا. وهذه الحالة من الانعطاف الركوعي في السلام كنا عهدناه لقينات النساء. وعند استعراض رقيق الإماء ، فيا عجبا لهؤلاء الرجال ، كيف تحلوا بسمات ربات الحجال ، لقد ابتذلوا أنفسهم فيما تأنف النفوس الأبية منه ، واستعملوا تكفير الذمي المنهي في الشرع عنه ، لهم في هذا الشأن طرائق عجيبة في الباطل ، فيا للعجب منهم إذا تعاملوا بهذه المعاملة ، وانتهوا إلى هذه الغاية في الألفاظ بينهم فبماذا يخاطبون سلاطينهم ويعاملونهم لقد تساوت الأذناب عندهم والرؤوس ، ولم يميز لديهم الرئيس والمرؤوس اه.
بمثل هذا اللسان الغريب وصفنا ابن جبير. ولما أفرط القوم في عاداتهم في الجنائز والمآتم والأفراح والمجتمعات والقيام والقعود وتبادل السلام وتقديم القهوة والشاي وغيرهما ، ودخلت في طور من الهزل عجيب ، زهد فيها المتعلمون على المناحي الغربية ، وأنشأوا ينبذونها نبذ النواة. وخفت أيضا
__________________
ـ وفاتهم بالحميد والشهيد والسعيد والسديد والرضي وأمثال ذلك. ولكنهم لقبوا قواد جيوشهم بناصر الدولة وعمادها وحسامها وعميدها وسيفها وسنانها ومعينها ونصيرها اقتداء بأفعال الخلفاء. وكذلك فعل بغراجان من تلقيب نفسه بشهاب الدولة ، وجاوز نفر منهم هذا الحد فسموا أنفسهم بأمير العالم وسيد الأمراء. فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا وأظهر لهم ولغيرهم عجزهم اه.