ومن أعظم جوامع هذا الثغر الجامع الكبير بناه السلطان صلاح الدين خليل الأشرفي على ما يرى في الكتابة المحفورة فوق باب الجامع الشمالي وذلك في سنة (٦٩٣ ه) وكان متولي العمارة سالم الصهيوني ابن ناصر الدين العجمي وفي سنة (٧١٥) وعلى عهد ولاية السلطان محمد بن قلاوون للمرة الثالثة بنيت بأمره الأروقة المحيطة بصحن المسجد أيام نيابة المقر السيفي كستاي الناصري وكان متولي العمارة أحمد بن حسن الحرلبعليلي وتسميه أهالي طرابلس الجامع المنصوري وهو غلط بين لأن الملك المنصور قلاوون هو أبو الأشرفي باني الجامع المذكور.
ومنها جامع طينال وتسميه العامة طيلان بناه سيف الدين طينال مملوك محمد الناصري وحاجبه وكان قد تولى ولاية طرابلس مرتين وبنى الجامع المذكور للمرة الثانية سنة (٧٣٦). وفي منارته هندسة لطيفة ولها من داخلها سلمان أحدهما سقف للآخر ، فإذا أراد المؤذن الصعود للأذان من داره الملاصقة للمسجد دخل من باب المنارة صاعدا أعلاها وإذا أراد النزول للصلاة دخل من باب آخر يصل منه إلى داخل المسجد وعلى هذه الصورة فباب المنارة السفلي الخارجي أدنى من أرض المسجد بقدر قامة الإنسان.
ومن جوامعها جامع أرغون شاه وتسميه العامة الفنشا على الطريق الشرقية الآخذة لجبانة باب الرمل ولا يعلم تاريخ بنائه وفوق بابه كتابة حفرت أيام قايتباي من المماليك الجراكسة سنة (٨٨٠) يأمر فيها بحماية زراع أراضي الوقف للجامع المذكور وتسليمها إلى محمود الأدهمي الحسيني وقد بني هذا الجامع حديثا بعد سقوطه ووضعت له القساطل الحديدية لجر المياه.
ومن جوامعها جامع التوبة وهو ملاصق للجسر الجديد على نهر أبي علي ومن الثابت أنه بني أيام دولة المماليك وطرز هندسته يشبه الجامع الكبير من وجوه كثيرة وقد جدد بناءه بعد ما تهدم من الفيضان الكبير الذي وقع في طرابلس سنة (١٠٢٠) أحمد بن محمد الشربداري الأنصاري كتخداي حسين باشا السيفي ، وتم بناؤه في شهر ربيع الآخر سنة (١٠٢١) والكتابات الأثرية التي عليه يرجع تاريخها إلى سنة (٨١٧) أيام دولة المؤيد أبي النصر شيخ المحمودي من المماليك الجراكسة.