وروى أنه حج على ناقته عشرين حجة فما فزعها بسوط ، وفي رواية اثنتين وعشرين حجة ، ولقد سئلت عنه مولاة له فقالت : أأطنب أم أختصر ؟ فقيل لها بل اختصري : فقالت : ما أتيته بطعام في نهار قط وما فرشت له فراشاً بليل قط . وجرى ذكره في مجالس عمر بن عبد العزيز فقال : ذهب سراج الدنيا وجمال الاسلام زين العابدين . وكان عليه السلام لا يضرب مملوكاً له ، بل يكتب ذنبه عنده حتى اذا كان شهر رمضان جمعهم وقررهم بذنوبهم وطلب منهم أن يستغفروا الله كما غفر لهم ثم يعتقهم ويجيزهم بجوائز ، اي يقضّ عليهم الهبات والصِلاة ، وما استخدم خادماً فوق حول .
وفي العقد الفريد لابن عبد ربه قال : ووفد الناس عليه في المسجد يلمسون يده محبة للخير وتفاؤلا ، فكأن الرجل يدخل إلى مسجد رسول الله فيراه ، فيذهب اليه من فوره أو بعد صلاته يقبل يده ويضعها على عينيه يتفاءلون ويرجون الخير .
وكان إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته . وكان لا يأكل طعاماً حتى يبدأ فيتصدق بمثله . وأراد الحج فاتخذت له اخته سكينة طعاماً بألف درهم فلما صار بظهر ( الحرّة ) تصدق به على المساكين .
ولما كانت وقعة الحرَّة أراد مروان ان يستودع أهله فلم يأوهم احد وتنكّر الناس له ـ ومروان من يعرف التأريخ كرهه لأهل البيت ـ إلا الإمام زين العابدين فانه جعل أهل مروان مع عياله ، وجمع اربعمائة ضائنة (١) بحشمهن فضمهن إلى بيته ، حتى قالت واحدة : والله ما عشت بين أبوي كما عشت في كنف ذلك الشريف . وحكى عن ربيع
__________
(١) الضائنة : هي المرأة الضعيفة
ادب الطف ( ١٧ )