جهم الشّيبانيّ.
ولد بالدّور ودخل بغداد في صباه ، وطلب العلم ، وجالس الفقهاء والأدباء ، وحصّل من كلّ فنّ طرفا ، وخدم الدّيوان ، فولي إشراف المخزن ، ثم ديوان الزّمام ، ثم استوزره المقتفي لأمر الله سنة أربع وأربعين (وخمس مئة) ، فبقي وزيره ووزير ولده المستنجد حتى توفي في جمادى الأولى سنة ستين وخمس مئة. وكان ذا رأي صائب وسريرة صالحة ، وكان مكرما للعلماء ، يحضر مجلسه الفقهاء والعلماء ، ويقرأ عنده الحديث على الشيوخ ، ويجري من البحث والفوائد ما يكثر ذكره.
سمع أبا عثمان ابن ملّة ، وأبا القاسم بن الحصين ، ومن بعدهما.
قرأت على ابن الجوزي شيخنا : أخبركم الوزير أبو المظفر ، قال : قرأت على الإمام المقتفي ، حدّثكم أبو البركات السّيبي ، أخبرنا الصّريفيني ، أخبرنا المخلّص ، أخبرنا إسماعيل (١) ، أخبرنا الرّبالي (٢) ، فذكر حديث «لا زاد الأمر إلا شدّة» (٣). قال شيخنا أبو الفرج عقيبة : ولد الوزير سنة تسع وتسعين وأربع مئة ، وقرأ القرآن بالقراءات وسمع الحديث الكثير ، وتفقه. وكانت له معرفة حسنة بالنّحو واللّغة وصنّف ، ووزر للمقتفي وللمستنجد. وكان متواضعا مقرّبا لأهل
__________________
وابن تغري بردي في النجوم ٥ / ٣٦٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ١٩١ وغيرها من الكتب المستوعبة لعصره ، وقد قال فيه شيخنا العلامة : «كان من رجال الدهر الكفاة الأعيان بالإجماع» ، وهو حنبلي مصنّف.
(١) هو إسماعيل بن العباس الوراق المتوفى سنة ٣٢٣ (تاريخ الخطيب ٧ / ٢٩٨).
(٢) في المطبوع «الزبال» محرف ، ولعله من غلط الطبع ، وهو حفص بن عمرو الرّبالي. وقد رواه عن المبارك بن سحيم ، عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ، كما في الذيل لابن رجب ١ / ٢٨٩.
(٣) إسناده ضعيف جدا ، فإنه من رواية مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس ، ومبارك متروك.