النافعة المقوية للملكة الذهنية ، ولخشية المفاجأة بإعادة تدريسها للجامع بعد ما رسخ في أذهان الكثير من أن بها ما يعدوا على الدين ، رأى ولاة الأمور أن يمهدوا السبيل لادخالها في الجامع الأزهر بأخذ آراء أفاضل العلماء الأزهريين ، فكلفوا والدي المرحوم السيد محمد بيرم بهاته المهمة العلمية ، وبعد أخذ وعطاء بينه وبين المرحومين : العلامة الشيخ محمد الأنبابي شيخ الإسلام بمصر وشيخ الجامع الأزهر ، والشيخ محمد البنا مفتي الديار المصرية في ذلك العهد ، استقر الرأي أن يكتب لهما استفتاء صورته ، بعد الديباجة : «ما قولكم رضى الله عنكم؟ هل يجوز تعلم المسلمين للعلوم الرياضية؟ مثل الهندسة والحساب والهيئة والطبيعيات وتركيب الأجزاء المعبر عنها بالكيمياء ، وغيرها من سائر المعارف ، لا سيما ما ينبني عليه منها من زيادة القوة في الأمة ، بما تجاري به الأمم المعاصرين لها في كل ما يشمله الأمر بالاستعداد بل هل يجب بعض تلك العلوم على طائفة من الأمة؟ بمعنى أن يكون واجبا وجوبا كفائيا على نحو التفصيل الذي ذكره فيها الإمام حجة الإسلام الغزالي في إحياء العلوم ، ونقله علماء الحنفية أيضا وأقروه ، وإذا كان الحكم فيها كذلك ، فهل يجوز قراءتها مثل ما تجوز قراءة العلوم الآلية من نحو وغيره الرائجة الآن بالجامع الأزهر وجامع الزيتونة والقرويين؟ أفيدوا الجواب ، لا زلتم مقصدا لأولى الألباب : فأجابه العلامة الشيخ محمد الأنبابي بالفتوى الآتية بعد الديباجة : يجوز تعلم العلوم الرياضية مثل الحساب والهندسة والجغرافيا ، لأنه لا تعرض فيها شيء من الأمور الدينية ، بل يجب منها ما تتوقف عليه مصلحة دينية أو دنيوية وجوبا كفائيا ، كما يجب علم الطب لذلك «كما أفاده الغزالي في مواضع من الإحياء ، وإن ما زاد على الواجب من تلك العلوم مما يحصل به زيادة التمكن في القدر الواجب فتعلمه فضيلة ، ولا يدخل في علم الهيئة الباحث عن أشكال الأفلاك والكواكب وغيرها علم التنجيم المسمى بعلم أحكام النجوم وهو الباحث عن الاستدلال بالتشكلات الفلكية على الحوادث السفلية ، فإنه حرام كما