أوائل الأساتذة الذين درسوا فيه : عبد الله بن عمرو بن العاص ، وابن لهيعة ، ثم الليث بن سعد ، وعثمان بن سعيد المصري وهو أصحاب القراءات. وكان للأمام الشافعي حلقة علمية فيه ، يدرس فيها مذهبه ، ويدوّن آراءه ؛ وعلى يديه تخرج كثير من تلامذته الذين نشروا مذهبه ، كالربيع بن سليمان ، والمزني والبويطي ، وغيرهم ، ومن ثم أصبحت السيادة للمذهب الشافعي بعد أن كانت للمذهب المالكي ، الذي كان أول من أدخله إلى مصر عثمان بن الحكم الجذامي (١٦٣ ه).
وقد تخرج أبو تمام (٢٣١ ه) في الأدب والشعر في حلقات مسجد عمرو العلمية ، وكان ذو النون المصري (٢٤٥ ه) ممن تخرج في حلقاته.
ولما أنشىء جامع ابن طولون عام ٢٦٣ ه في عهد أحمد بن طولون (٢٥٢ ـ ٢٧٠ ه) شارك هذا المسجد الجديد جامع عمرو في رفع مشاعل العلم والثقافة ، وأملى الحديث فيه الربيع بن سليمان تلميذ الإمام الشافعي ، وصلى فيه القاضي بكار إماما ، وخطب فيه أبو يعقوب البلحي.
وكان من أشهر العلماء قبيل انشاء الأزهر ممن كانوا يدرسون في جامع عمرو (المسجد العتيق) وفي المسجد الطولوني : أبو القاسم بن قرير ، وتلميذه الكندي المؤرخ المشهور ، وأبو القاسم بن طباطبا.
ولما وفد المتنبي إلى مصر عام ٣٤٦ ه كانت له حلقة في مسجد عمرو ، وكانت من أحفل حلقات العلم والأدب والشعر واللغة.
ولما قام الأزهر في عاصمة مصر القاهرة بدأ بفرض سيادته العلمية على كل البيئات الثقافية في مصر ، وتأكدت هذه السيادة كذلك على بيئات العلم في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.