ملائمة للعصور والأمكنة والعرف وأمزجة الأمم المختلفة ، كما كان يفعل السلف من الفقهاء». ويقول فيما يختص بدراسة التفسير والحديث : «يجب أن يدرس القرآن دراسة جيدة ، وأن تدرس السنة دراسة جيدة ، وأن يفهمها على وفق ما تتطلبه اللغة العربية ، وعلى وفق قواعد العلم الصحيحة ، وأن يبتعد في تفسيرهما عن كل ما أظهر العلم بطلانه ، وعن كل ما لا يتفق وقواعد اللغة العربية».
هذه هي مذكرة المراغي التي جعلها دستوره في الإصلاح ، والتي علقت عليه الأمة من أجلها آمالها في إعلاء شأن الدين وانهاض أهله ، وقد رأى تنفيذا لأغراض هذه المذكرة الإصلاحية ، توزيع التعليم العالي في الأزهر على شعب ثلاث : شعبة للتفسير والتوحيد وتعرف باسم كلية أصول الدين ، وشعبة للغة العربية وتعرف باسم كلية اللغة العربية ، وشعبة للفقه والأصول وتعرف باسم كلية الشريعة. تنوع التعليم العالي إلى هذه الكليات الثلاث ، ووضعت مناهج لكل كلية تبين علومها الأساسية والإضافية ، وجعل وراء ذلك تخصصات «وإجازات» موزعة على هذه الكليات الثلاث.
ـ ٧ ـ
ويرى الدكتور محمد عبد الله دراز : أن أبدع طابع تمتاز به الجامعة الأزهرية ، ليس هو أنها قد جمعت في تعليمها بين هذين العنصرين الروحي والزمني ، اللذين نراهما منفصلين في سائر الجامعات ، بل ميزتها الكبرى هي أن الميدان الذي تتدفق فيه حيوتها يتجاوز كل حدود التعليم والتثقيف ، ويرتقي إلى دور من أهم الأدوار في توجيه حياة الجماعة. إن رسالة الأزهر على الجملة ، إنما هي امتداد لرسالة الإسلام ، ألا وإن الإسلام ليس مجموعة مبادىء نظرية تغرس في الأذهان فحسب ، وإنما هو قوة دافعة خلاقة ، غايتها أن تنظم السلوك الإنساني تنظيما فعليا ، طبقا لاسمي المثل وأسلسها قيادا على التنفيذ العملي. فليس يكفيه إذا أن يبين هذه المبادىء