١٠ ـ حاشية على شرح الحفيد على مختصر جده التفتازاني : في البلاغة.
وكان الشيخ الحفني ، حسن السمت ، مهيب الطلعة ، معتدل القامة ، لا بالطويل البائن ولا بالقصير ، عظيم الهامة ، كث اللحية أبيضها ، مقوس الحاجبين ، رحب الراحتين ، سواء الظهر والبطن ، أبيض اللون مشرب بحمرة ، كأن على وجهه قنديلا من النور.
وكان كريم الطبع ، جميل ، السجايا لم يضبط عليه مكروه ، على جانب عظيم من الحلم ، ما جهل عليه أحد إلا قابل السيئة بالحسنة. يعظم كل الناس ، ويتمثل قائما لكل قادم ، ويخاطب كل إنسان على قدر عقله ، ويصغي لكلام كل متكلم ولو كان تافها ، ولا يضجر إن أطال عليه ، بل يظهر له المحبة ، حتى يظن أنه أعز الناس عليه ، وأقربهم إلى قلبه. وكان لا يعلق نفسه بشيء من الدنيا فلو سأله إنسان أعز حاجة عليه أعطاها له ، كائنة ما كانت ويجد لذلك أنسا وانشراحا وإذا دعى أجاب ، إلا أنه كان يعتذر من عدم حضور الولائم. لأنه يرى أنها غير مضبوطة بالأمور الشرعية.
وله صدقات وصلات خفية ، وكان يتولى الصرف على بيوت كثير من أتباعه المنتسبين إليه ولا ينقطع ورود الواردين عليه ليلا ونهارا ، وقد قيل إن راتب بيته من الخبز كل يوم نحو الأردب. ويجتمع على مائدته ما لا يقل عن الأربعين.
ولما بلغ الثلاثين من عمره ، كثر انقطاعه للعبادة. وتهيأ للسلوك والاندماج في الطريق فأخذ عن الشيخ أحمد الشاذلي المعروف بالمقري وتلقى منه بعض الأحزاب والأوراد وكان يتردد على زاوية سيدي شاهين الخلوتي بسفح المقطم ويمكث فيها الليالي متحنثا. وقد ذكر الشيخ حسن شمه : أنه كثيرا ما كان ينشد في الدياجي.
خل الغرام لصب دمعة دمه |
|
حيران توجده الذكرى وتعدمه |