رده عن ذلك ، مع يقينه من زعامته للثورة ، وقال : إن قتل شيخ في مكانة السادات يضر أبلغ الضرر بمركز الفرنسيين ، ويزيد في حقد المصريين وكراهتهم له.
ثم قامت ثورة القاهرة الثانية على الجنرال كليبر. وكان السادات من المحرضين عليها. فجاءت فرصة كليبر لشفاء ما في نفسه من السادات. وكان يذكر نصيحة نابليون فلم يقتله. ولكنه أوقع به من العذاب والمهانة شيئا كثيرا. حيث فرض عليه ضريبة فادحة ، قدرها مائة وخمسون ألف فرنك. فلما رفض أن يدفعها أمر بسجنه في القلعة. وكان ينام على التراب ، ويمشون به على قدميه في شوارع القاهرة ، ويضرب في صباح كل يوم خمس عشرة عصا ، ومثلها في كل مساء وحبسوا أتباعه وخدمه. وطلبوا زوجه وابنه فلم يجدوهما. فعذبوا خادما له عذابا شديدا حتى دل على مكانهما ، فسجنوهما. ووضعوا معه زوجته في سجن واحد ، فكانوا يضربونه أمامها ، وهي تبكي. وهاجموا داره ، ففتشوها ونهبوا ما كان فيها من مال ومتاع وحفروا أرضها للبحث عما فيها من سلاح ومال. وجعلوا على بيته عشرين حارسا. وعندما أعادوا تشكيل «الديوان» (١) أخرجوه منه.
وبعد أن أنزلوه من القلعة عادوا فسجنوه فيها مرة أخرى خمسين يوما ، ثم أخرجوه بعد أن أتم دفع ما فرضوا عليه ، ولكنهم عادوا فصادروا جميع ممتلكاته وإقطاعياته ـ وكانت شيئا كثيرا ـ وحبسوا مرتباته وأوقافه وأوقاف زوجاته ، وريع الأوقاف التي كانت محبوسة على زوجة أجداده. وشرطوا عليه ألا يجتمع بالناس ، وألا يخرج إلا بإذنهم ، وأن يقتصد في نفقاته ، وينقص عدد أتباعه وخدمه.
__________________
(١) عند ما دخل نابليون القاهرة ألف «الديوان» من طبقتين «العمومي» و «الخصوصي» وكان الأخير يتألف من كبار العلماء والتجار وأهل الرأي والمنزلة من المصريين. وكان رئيسه الشيخ عبد الله الشرقاوي ومن أبرز أعضائه الشيخ السادات.