عمل فلاسفة الأزهر استخراج قانون السعادة لتلك الأمم من آداب الإسلام وأعماله ثم مخاطبة الأمم بأفكارها وعواطفها والإفضاء من ذلك إلى ضميرها الاجتماعي فإن أول الدين هناك أسلوبه الذي يظهر به.
هذه هي رسالة الأزهر في القرن العشرين يتحقق بوسائلها من الآن ، ومن وسائلها أن يعالن بها لتكون موثقا عليه ، ويحسن بالأزهر في سبيل ذلك أن يضم إليه كل مفكر إسلامي ذي إلهام أو بحث دقيق أو إحاطة شاملة ، فتكون له ألقاب علمية يمنحهم إياها وإن لم يتخرجوا فيه ، ثم يستعين بعلمهم وإلهامهم وآرائهم ، وبهذه الالقاب يمتد الأزهر إلى حدود فكرية بعيدة ويصبح أوسع في أثره على الحياة الإسلامية ويحقق لنفسه المعنى الجامعي ، وفي تلك السبيل يجب على الأزهر أن يختار أياما في كل سنة يجمع فيها من المسلمين (قرش الإسلام) ليجد مادة النفقة الواسعة في نشر دين الله. وليس على الأرض مسلم ولا مسلمة لا يبسط يده ، فما يحتاج هذا التدبير لأكثر من إقراره وتنظيمه وإعلانه في الأمم الإسلامية ومواسمها الكبرى وخاصة موسم الحج.
ـ ٩ ـ
ونشر العقاد كلمة عام ١٩٤٧ عن الأزهر وإصلاح ورسالته قال فيها :
خير ما يطلب للأزهر هو أن يزداد نصيبه من الجامعية العلمية ، وأن يزدان نصيبه من المشاركة في الأعمال الدنيوية ، وأن يحال بينه وبين العزلة والانقطاع ، ونحن من المؤمنين بماضي الأزهر العظيم ، ولكننا أشد إيمانا بمستقبله بنا بماضيه ، لأن وظيفته في الماضي كانت وظيفة واحدة لا منازع فيها ، أما وظيفته في المستقبل فوظيفتان ينهض بهما فيكون له شأنان متعادلان في حكمة الإسلام وحكمة العلم الذي يعمل به المسلمون وغير المسلمين ، فالجامع الأزهر أحق مكان بأن يحيي الفلسفة القديمة التي عاشت فيه وحده يوم ماتت في جوانب الدنيا بأسرها ، ومن إحياء هذه