الفلسفة أن يزاوج بينها وبين مستحدثات التفكير في كل عصر وبين كل قبيل ، والجامع الأزهر أحق مكان بتوسيع المنطق الذي تمكنت فيه أسسه وتهيأت لما يضاف إلى هذه الأسس من أركان جديدة ، في مذاهب المناطقة المحدثين ، والجامع الأزهر أحق مكان بأن يعرض العقيدة الإسلامية المستنيرة على أهل المشرق والمغرب لأنه أقدر على هذه الرسالة من الآحاد أو الجماعات التي تصدت لها في غير مصر من الأقطار الإسلامية ، والجامع الأزهر أحق مكان بأن يقصده الصيني من أقصى الشرق كما يقصده «الفندلاندي» من أقصى الشمال ، أو يقصده الزنجباري من أقصى الجنوب لأنهم يتعلمون فيه ما لا يجدونه في غيره من الجامعات المعصورة على العلوم الطبيعية. والجامع الأزهر أحق مكان بأن يتدارك عيب العصر الحاضر وهو العيب الجسام الذي يتمثل في العزل بين عالم العقل وعالم الروح. فيتعلم فيه الرجل وهو مؤمن ويؤمن فيه وهو عالم ، ويحسن قيادة المتدينين المتعلمين ، ونحن كبير والرجاء في إنجاز هذه المهمة العظمى بعد أن صارت مشيخة الأزهر إلى أستاذ الفلسفة الإسلامية على أحدث المناهج العصرية ، فإنه أقدر الناس على أن يحقق للجامع الأزهر وظيفتيه في ثقافة العقل وثقافة الروح ، وأعوانه من الأزهريين غير قليلين.
ـ ١٠ ـ
ويقول الاستاذ مصطفى حبيب من كلمة له ألقاها في المؤتمر الثقافي العربي عام ١٩٥٠ ، وقد كان من المندوبين فيه عن الأزهر : الاتجاهات التعليمية السائدة في الأزهر الآن هي :
١ ـ العمل على تعميم التعليم الديني في البلاد بافتتاح المعاهد الدينية في جميع العواصم والمراكز الكبيرة ، وتيسير هذا التعليم على الناس بمتابعة ما جرى عليه عرف الأزهر من قديم ، من مجانية التعليم الديني ، وتشجيع الطلاب بتقرير مكافآت مادية تعينهم على مواصلة الدرس ، وقد قطع الأزهر في هذا الاتجاه شوطا بعيدا فافتتح في السنوات الأخيرة خمسة معاهد ،