لإصلاح الأزهر في النواحي الإدارية والعلمية ، وأراد أن يجدد في منهج التدريس بطريقة عملية بارعة حببت إلى الناس طلب العلم ، وغشى حلقته كثير من الأزهريين وغيرهم ، كما درس التفسير والمنطق والحكمة والفلسفة وعلم الكلام بأسلوب بليغ وعبارات جزلة فياضة. وقوة في الدليل والترجيح بين الآراء ، ونفي ما يثبت بطلانه وعدم جدواه.
وقد ثار بعض المتزمتين من الأزهريين والمتصوفة على الشيخ ورموه بالإلحاد والزندقة ، والخروج عما تواضع عليه العلماء والمؤلفون. وأقاموا من حوله سياجا من الشك والشبهات ، ولجوا في معارضته والطعن عليه ، وهو صابر محتسب ، يقابل أذاهم بالتسامح ، ومعارضتهم بالحجج الدامغة والبراهين الواضحة. وإلى هذا يشير حافظ إبراهيم في رثائه للإمام إذ يقول :
وآذوك في دين الإله وأنكروا |
|
مكانك حتى سودوا الصفحات |
رأيت الأذى في جانب الله لذة |
|
ورحت ولم تهمم لهم بشكاة |
لقد كنت فيهم كوكبا في غياهب |
|
ومعرفة في أنفس نكرات |
أبنت لنا التنزيل حكما وحكمة |
|
وفرقت بين النور والظلمات |
ووفقت بين الدين والعلم والحجا |
|
فأطلعت نورا في ثلاث جهات |
وقفت لهانوتو ورينان وقفة |
|
أمدك فيها الروح بالنفحات |
وإنما كان غضب بعض الأزهريين عليه لأنه كشف عن جهلهم وعجزهم عن أداء رسالة الدين والعلم ـ كما كان غضب الصوفية عليه لأنه سلفه طرقهم وأوضح دجلهم وتضليلهم لعقول الناس ، حتى أحالوا الدين إلى خرافات وأوهام لا تتصل به من قريب أو بعيد.
ويعد الأستاذ الإمام مجدد الأدب النثري في العصر الحديث. ومحرره من القيود التي أثقلته وجنت عليه في العصور الوسطى. جدد الشيخ في أسلوب النثر ، وفي معانيه وموضوعاته ، وامتازت كتابته بالوضوح وحسن