الأزهر وقتئذ وطلب منه أن يجمع له جمعا من العلماء الصالحين ليقوموا بتلاوة البخاري إمام القبلة القديمة في الجامع الأزهر بنية دفع الهزيمة عن مصر!
نفذ الشيخ العروسي أمر الخديو وجلس جمع العلماء ، المختارين بعناية .. أمام القبلة يتلون البخاري أناء الليل والنهار ، ولكن دون جدوى .. فالهزائم لم تتوقف ساعة واحدة .. وأخبارها تتوالى دون انقطاع!!
واستبد الغضب بالخديو فصحب شريف باشا إلى العلماء .. وقال لهم.
ـ أما أن هذا الذي تقرأونه ليس صحيح البخاري ، أو أنكم لستم العلماء الذين نعهدهم من رجال السلف الصالح فإن الله لم يدفع بكم ولا بتلاوتكم شيئا؟!
وجم العلماء ولم يجد أحدهم جوابا .. ووسط الصمت الرهيب الذي ساد المكان ارتفع صوت شيخ من أخر الصف موجها حديثه للخديو :
ـ منك يا إسماعيل .. فإنا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم»!
ركب الفزع وجوه المشايخ لهذه الجرأة من صاحبهم وتوقعوا عقابا صارما يشملهم جميعا .. إلا أن الخديو لم ينبس بكلمة وسارع بالانصراف هو وشريف باشا!
التف العلماء حول صاحبهم وأخذوا في تأنيبه ولومه .. وبينما هم كذلك أقبل شريف باشا يسأل عن الشيخ الذي رد على الخديو .. ثم صحبه معه وزملاؤه يودعونه وداع الذاهب إلى حتفه ..