رجعوا إليهم ، لا يبغون من وراء ذلك مالا ولا جاها ولا شهرة.
ويعني الأزهر فيما يعني الخانقاة التي آوت العباد والزهاد والوعاظ وحفظة القرآن وحملة البركة.
ويعني الأزهر فيما يعني القاعدة الروحية التي كان يخشاها المستعمرون فحاولوا سرا وعلنا أن يدمروها ليتقوها ، فلما استيأسوا من تدميرها أو إضعاف تأثيرها سالموها ونافقوها. ثم جهدوا أن يستميلوها ليستغلوها.
ويعني الأزهر فيما يعني ، الصرح الوطني الذي أجج الثورات على الفساد ، وخرّج القيادات للجهاد ، وقام من نهضة العرب الحديثة مقام الرأس واليد ، يمدها بالروح ويرفدها بالقوة. ثار على الغزو الفرنسي بقيادة ستة من علمائه ، وثار على الطغيان التركي بقيادة شيخه عبد الله الشرقاوي ، وثار على الظلم الخديو بقيادة ابنه أحمد عرابي ، وثار على الاحتلال البريطاني بقيادة ابنه سعد زغلول.
كل أولئك يعنيه لفظ الأزهر ، وأكثر من أولئك يلازم معنى الأزهر ، ولكني بسبيل الحديث عن نصيب اللغة العربية من فضل الأزهر فلا أخوض في حديث غيره.
إن فضل الأزهر على اللغة العربية مستمد من فضل القرآن الكريم عليها ؛ وبعض فضله أنه كسبها عذوبة في اللفظ ورقة في التركيب ودقة في الأداء وقوة في المنطق وثروة في المعانى. وكان سببا في استحداث العلوم الشرعية والأدبية التي حفظت مادتها بالقواعد وفي المعجمات ، ووسعت دائرتها بالألفاظ والمصطلحات ، كالنحو والصرف والاشتقاق لدفع اللحن عنه ، والمعاني والبيان والبديع لتقرير الإعجاز فيه ، وعلى اللغة والأدب لتفسير غريبه وتوضيح مشكله ، والحديث والأصول والفقه والتفسير لاستنباط أحكام الشرع منه ، وهو الذي وحدها على كل لسان ، ونشرها معه في كل