الدكتور طه حسين والازهر
يرى د. طه أن إغلاق ثلثي الأزهر إصلاح له .. وأن إبعاد ٩٠ في المائة من طلاب الأزهر عن معهدهم الذي ينهلون منه الثقافة الإسلامية الصحيحة يجب أن يكون هو الخطوة الثانية التي تخطوها مصر في عهد ثوارها. والدكتور طه لم يدع في يوم من الأيام إلى إلغاء جامعة من جامعاتنا اكتفاء بأخواتها ، وهو الذي حارب إدماج أقسام اللغة العربية في آداب الجامعات الثلاث في قسم واحد. وفي عهده في وزارة المعارف كان يشجع إنشاء المدارس الأجنبية والخاصة والحرة ، ولم يزعم أن من مبادىء الإصلاح إدماج هذه المدارس أو الجامعات بعضها في بعض ، فكيف به يقف من الأزهر هذا الموقف العابث الذي لا يتصور طه نفسه خطره على نفسه وعلى مصر وعلى العالم العربي والإسلامي.
ولو كان الدكتور طه يحرص على سمعة الفكر المصري المعاصر حقا لما لجأ إلى هذا المنطق السوفسطائي العجيب الذي يجعل به الحق باطلا والباطل حقا ، ويظن أن الناس قد صدقوا هذا المنطق المقلوب. وأنا أزعم أن الدكتور طه سوفسطائيا وإنما هو يحاول أن يلجأ إلى منطق السوفسطائيين ليقنع الناس برأيه لغرض في نفسه. وأشهد أن فرنسا الاستعمارية لم تحاول في يوم من الأيام أن تغلق الأقسام الابتدائية والثانوية من جامعة الزيتونة الدينية في تونس ، بدعوى توحيد التعليم ، أو باسم إصلاح الزيتونة ، والتعليم الابتدائي والثانوي في الأزهر ـ وهو الذي تجمع مناهجه بين ثقافات وزارة المعارف وعلوم الدين واللغة على أوسع نطاق ـ ليس هو الذي تعمل الدولة على تصفيته لأن الشعب نفسه ، والدولة نفسها ، لا ترى فيه إلا الخير كل الخير لمصر وللعالم الإسلامي كافة. ولو قدر الغي التعليم الابتدائي والثانوي من الأزهر لما استطاع مثل الدكتور طه أن يتعلم وأن يسمع به الناس.