وانتماؤه العربي والإسلامي عزز في نفسه الشعور بأصالة تراثنا ، وبعظمة الماضي وجلاله ، ويمجد الأزهر العلمي العريق ؛ وكانت هذه الانتماءات كلها هي مكونات شخصيته.
وفي ظل ما يقرب من قرن كامل عاشه ويعيشه عالمنا الجليل ، كانت الأحداث الكبرى في تاريخ وطننا ، التي شارك فيها الشيخ بقلمه وروحه ونضاله.
توفى رحمه الله عام ١٩٨١.
كان أحد علماء الأزهر الذين وقفوا على أسرار الشريعة الإسلامية ، وملكوا ناصية اللغة العربية والبيان في العصر الحديث ـ عرفته شيخا لمعهد شبين الكوم الديني الذي أنشيء في عهد الإمام المراغي ـ رحمه الله ـ وقد اختاره أول شيخ له ، لأنه كان موضع ثقته ، وأحد تلاميذه المقربين إليه وكان للشيخ عبد الجليل في قلوبنا مكانة كبيرة من التقدير والاحترام والحب والاعزاز ، لأنه وضع نصب عينيه النهوض بهذا المعهد الديني ، ولأنه كان له مزيد من الهيبة والسطوة ، ولحرصه الشديد على مصلحتنا ، وظهورنا بمظهر الطالب الأزهري المثالي الذي يحرص على عزته وكرامته ، وفي سبيل ذلك كان لا يسمح لأحد بدخول المعهد إلا إذا كان يلبس الزي الأزهري كاملا ، وإذا نمى إليه أن أحدنا لا يظهر في الخارج بصورة سلوكية مشرفة ، قام بفصله من المعهد مدة ولا يسمح له بالحضور إلا بعد تعهد من ولى أمره بضمان سلوكه واستقامته ، وذلك بعد أن يتحرى الأمر ، وقد انعكس علينا هذا جدا واستقامة ، وتفوقا في العلم واخلاق.
والشيخ عبد الجليل من الرعيل الأزهري الأول الذي اشترك في المظاهرات وقاد مع زعماء الأزهر ثورة ١٩١٩ ضد الانجليز وكان يحدثنا بذلك فخورا ، لينقل إلينا شرارة الوطنية ـ وكان معروفا عنه أنه أشد تلاميذ