مختلفة عن الأستاذ الإمام محمد عبده ، وقد كتبت في فترات مختلفة ، تبتدىء من سنة ١٩٣٨ وتنتهي سنة ١٩٥٦ م ، فلاحظت أن الروح التي تغمر مقال «محاولة» هي نفسها التي تترقرق في مقال «محاضرات الثلاثاء» ، وهي نفسها أيضا تتوهج ببزوغ في مقال أخير نشر بالعام الماضي في مجلة الأزهر سنة ١٣٧٥ ه .. ولا عجب إذا أكثر الشرباصي من الحديث عن الإمام المصلح ، فهو مثل يحتذيه من ناحية ، وعالم أزهري كبير له رحمة الماسة من ناحية ثانية!! ...
لقد أصبح توفيق الشرباصي في محاضراته المتتالية حديث الكثيرين ، فكيف إذا ضمت إليه مؤلفاته التي تتقاطر متتابعة دون انقطاع ، وقد يجمع المؤلف الواحد منها ضروبا في القول تتباعد مصادر ومراجع ، وتتحد هدفا وغاية ؛ وتلك حقيقة سجلها الأستاذ محمود تيمور حين قال عن كتاب «في عالم المكفوفين» بالرابطة الإسلامية ، عدد ١٦ أبريل سنة ١٩٥٦ م :
«وأكبر ظني أيها الصديق أنك ستشق بكتابك هذا على من يريدون إلحاقه بفن من فنون التأليف ، فإنهم يحارون فيه ... إن ألحقوه بالعلم فهو ذاك ، لما حوى من دراسة وتحقيق ، وإن وصلوه بالتاريخ فله منه نصيب موفور ، وإن درجوه بالاجتماع فما ظلمون ، وإن عدوه كتابا في الأخلاق فليس هو منها ببعيد».
هذه شهادة منصفة ، وهي بعد تحقيق لنبوءة الأستاذ أحمد شفيع السيد ـ الأستاذ بكلية اللغة العربية ـ حين سجل إعجابه ـ من أمد بعيد ـ بتلميذه الطالب أحمد الشرباصي ، فقال عنه من قصيدة عامرة تنطق بسماحة الأستاذ وتقدير التلميذ :
قبس من الإصلاح لاح بصيصه |
|
سيزيده كر المدى إشعالا |
وإذا رأيت الفجر يبسم ضوؤه |
|
فارقب لأنوار الضحى إقبالا |
البحر ما ذا كان؟ كان جداولا |
|
والبدر ماذا كان؟ كان هلالا |