وتحتكم بجبروت لاهوتي في حياة الدنيا ، وتسد الطريق إلى الآخرة ، وإنه تدين لا يخلق تلك الطبقة التي تحتكر الدين ، وتسد المسالك إلى الله ولا يعترف بتلك الطبقة أن خلقتها الظروف ، لأنه لا رياسة في الإسلام ، وكلهم قريب إلى الله سبحانه وتعالى ، ومن التدين على هذا الوجه ، ترى الهيئة الجليلة أن يشتق الأزهر صنعته الدينية ، ومن التدين على هذا الوجه يتبين الأزهر رسالته الدينية ، وما أخال مفكرا يشك ، في أن هذا التدين هو أولا ، أقرب ما يكون من حقيقة الإسلام ، وجوهره ، ثم هو ثانيا ما تتطلع إليه الروح الصافية ، الطامحة المخلصة ، البارئة من كل وهم ، أو جهل ، أو تعصب أو جحود أو حمق يسيء إلى الحياة ، وأعود بالذاكرة إلى سنة ١٣٥٥ ه ـ ١٩٣٦ م ، فأرى مؤتمر الأديان العالمي يعقد في ٣ يوليو من سنة ١٩٣٦ نفسها ، ويدعى إليه الأزهر ، فيبعث إليه حضرة صاحب الفضيلة المرحوم الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر برسالة. في موضوع الزمالة الإنسانية ، تنشر بمصر في شهر يوليو من السنة ذاتها.
وترى في هذه الرسالة أنوار من آفاق التدين الإسلامي الوضيء ، الذي قرأت آنفا وصفه ، فهي تحدثك عن زمالة عالمية يتعاون فيها أصحاب الأديان جميعا ، تعاونا حقا جادا على تحقيق أغراض معنوية ، وأغراض عملية جليلة مسعدة للإنسانية المعناة بالبغضاء والجهل والبؤس ،. فأما الأغراض المعنوية التي تسعى هذه الزمالة الإنسانية لتحقيقها فهي في إجمال إزاحة العلل التي حالت دون تأثير الشعور الديني ، في تقريب ما بين الناس .. وأما الأغراض العملية فهي ـ على الإجمال ـ جعل التدين أداة فعالة في تهذيب الجماعة وتمكين العوامل المعنوية ، التي تشترك فيها الأديان ، من التأثير في الحياة الإنسانية الواقعية ، وتصيير الفضائل العملية التي تدعو إليها الأديان كلها نظما عملية ... كما أنها تعد الوسائل المختلفة لتحقيق تلك الأغراض النظرية والعملية من الدرس والتوجيه ، وإيجاد الهيئات و.. و... مما تجده واضحا في تلك الرسالة التي نشرها الأزهر