والخبرة الاجتماعية والفهم الجيد لشئون الحياة .. فكل هذا وما إليه هو ما دعته تلك الهيئة الأزهرية رسالة الأزهر الاجتماعية ، وبالنظر في هذه الرسالة ، وجدناها حينا غير واضحة في أذهان رجال هذه البيئة ، وحينا ير معتنى بتعرفها ، وفهمها الفهم الصحيح ، وآنا قد غلبت البيئة الأزهرية غير شخصيتها ذاتها فاندمجت في التيار الغالب بغربيته .. وطورا يعوز هذه البيئة الاتصال بالحياة ، اتصالا قويا فعالا ، مؤثرا في سيرها وتوجيهها.
وقد تألفت لجنة بحث المسابقة عن رسالة الأزهر في القرن العشرين ، من الشيخ محمد مصطفى المراغي والشيخ مصطفى عبد الرازق والشيخ عبد المجيد سليم ، والمرحوم عبد العزيز فهمي ، ومعهم كاتب هذه الكلمات ، الذي عرض عليهم بعد الحكم في المسابقة ، ما كتبه قبلها ولم يدخل التحكيم ، وقررت اللجنة أنه الصورة المطلوبة في ذلك ، ونشره الأزهر مطبوعا ... وفي الناحية الدينية ، من رسالة الأزهر ، أقرت اللجنة من هذا المكتوب نواحي ثلاثا :
١ ـ بيان التدين الإسلامي المرجو اليوم.
٢ ـ الهيئة الدينية التي تقوم به وتحققه في هذا العصر.
٣ ـ الهدف الذي تعمل لتحقيقه ، أو الرسالة الدينية للأزهر.
ومن الحق أن أعتمد على ما أقرته اللجنة من ذلك ، فيما أحدث عنه ، من أمر الأزهر في حياة مصر الدينية الآن ، وأول ذلك أن تعرف الرأي في التدين الإسلامي المرجو اليوم ، كما اطمأنت إليه تلك الهيئة الأزهرية ، منذ ذلك الزمن غير القريب ، فهل ترى ، أنه تدين إنساني القلب ، نبيل العاطفة ، يؤيد التعاون البشري ، ولا يعوق الإخاء الإنساني ، وأنه ليس العصبية المقيتة ، المتعمقة الأفق التي تحتقر الآخرين وتنزلهم من مرتبة الإنسانية ، وتنكر صفتهم البشرية ، وأنه تدين لا يعرف تلك السلطة الغاشمة التي ترهب العقل الطليق ، وتفت في العزم الوثيق ، وتفسد الذوق الدقيق.