الحلال بينا والحرام بينا كما قال عليه الصلاة والسلام ومع ما قام به الرسول من بيان أوضح معالم الحلال والحرام فقد اعترضه في سبيل الدعوة إلى الله صناديد قومه الذين أكل الحقد قلوبهم فعز عليهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم برغم ما لمسوه من أنه نبي حقا وأن ما دعا إليه هو الحق وعرفوه كما يعرفون أبناءهم. وقف هؤلاء في سبيل دعوته وحرضوا على قتله وأذوا أصحابه بأنواع الأذى وكادت هذه الفتنة تزلزل أثر الدعوة التي قامت على الحجة والبيان لو لا أن تداركه مولاه بالعناية وأمره بالجهاد وأمده بالعامل الثاني عامل القوة والسلطان فأعطاه السيف لا حبا في إراقة الدماء ولكن ليزيل من طريق الدعوة هذه العقبات وليسعد العالم بالإسلام رغم أنوف هؤلاء المعاندين المعترضين سبيل الدعوة إلى الله ، فلما وضع السيف في أعناقهم محا الله صولة الكفر والكافرين ورسخت دعوته التي قامت على الحجة والبيان بعد أن عززه الله بالقوة والسلطان لذلك يقول سيدنا عثمان بن عفان : «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» إنه لقول حق وفيه الموقف الفصل ومنه يتبين للمنصفين أن رسالة الإسلام إذا قامت على البيان فإنها لا تكمل ولا تتم إلا بالعامل الثاني عامل السلطان الذي غير معالم ظلم الظالمين وأزال صولة الكافرين والمعاندين ومهد للإسلام والمسلمين نعمة التمام والكمال في قول الله عز وجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
فتعالوا أيها السائلون عن رسالة الأزهر ، وهل أدى العلماء رسالتهم أو لا؟ تعالوا لنقول لكم كلمة الحق والحق أحق أن يتبع. لقد قام العلماء بواجبهم بالنسبة للعامل الأول عامل البيان وتذكير الناس بمواطن الحلال والحرام ففريق منهم يعلم أبناء المسلمين أحكام دينهم في كلياتهم ومعاهدهم ليتخرجوا للناس دعاة إلى الله ينذرون قومهم إذا رجعوا إليهم ـ وفريق منهم يقوم بالوعظ والإرشاد وإصلاح ذات البين وما شجر بين الناس في البلاد وما زالوا يجاهدون ويتنقلون لهذا في كل وادّ.