السلطان الروحي. كما صرح به في مذكرة دفاعه حيث قال فيها : «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستولي على كل ذلك السلطان لا من طريق القوة المادية وإخضاع الجسم كما هو شأن الملوك والحكام ولكن من طريق الإيمان له إيمانا قلبيا والخضوع له خضوعا روحيا» ، لكان دفاعه إثباتا للتهمة لا نفيا لها ، على أنه قد نسب في ص ٦٥ و ٦٦ السلطان إلى عوامل أخرى من نحو الكمال الخلقي والتمييز الاجتماعي لا إلى وحي الله وآيات كتابه الكريم ، كما أنه جعل الجهاد في موضع آخر من كتابه وسيلة كان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يلجأ إليها لتأييد الدعوة ولم ينسبه إلى وحي له ، وكلام الشيخ علي مخالف لصريح كتاب الله تعالى الذي يرد عليه زعمه ويثبت أن مهمته صلى الله عليه وسلم تجاوزت البلاغ إلى غيره من الحكم والتنفيذ فقد قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) وقال تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ).
وروى عن ابن سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب فقال اضربوه. وروي عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت وقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يجترىء عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أتشفع في حد من من حدود الله. ثم قام فخطب فقال : يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد ، وإيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها. فهل يجوز أن يقال بعد ذلك في محمد صلى الله عليه وسلم إن عمله السماوي لم يتجاوز حدود البلاغ المجرد من كل معاني السلطان وأنه لم يكلف أن يأخذ الناس بما جاءهم به ولا أن يحملهم عليه؟
وهل يجوز أن يقال بعد ذلك في القرآن الكريم أنه صريح في أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن من عمله شيء غير إبلاغ رسالة الله إلى الناس وليس عليه أن يأخذ