الناس بما جاءهم به ولا أن يحملهم عليه.
ومن حيث أنه أنكر إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام وعلى أنه لا بد للأمة ممن يقوم بأمرها في الدين والدنيا فقد قال في ص ٢٢ «أما دعوى الإجماع في هذه المسألة ـ وجوب نصب الإمام ـ فلا تجد مساغا لقبولها بأية حال ومحال إذا طالبناهم بالدليل أن يظفروا بدليل ، على أننا مثبتون لك أن دعوى الإجماع هنا غير صحيحة ولا مسموعة سواء أرادوا بها إجماع الصحابة وحدهم أم الصحابة والتابعين أم علماء المسلمين أم المسلمين كلهم». ادعى الشيخ علي أن حظ العلوم السياسية في العصر الإسلامي كان سيئا على الرغم من توافر الدواعي التي حمل على البحث فيها ، وأهمها إن مقام الخلافة منذ زمن الخليفة الأول كان عرضة للخارجين عليه ، غير ان حركة المعارضة كانت تضعف وتقوي ، ثم ساق بعد أمثلة يؤيد بها ما يدعيه من أن الخلافة كانت قائمة على السيف والقوة لا على البيعة والرضا ولو سلم للشيخ علي ذلك جدلا لما تم له ما يزعمه من إنكار إجماع الصحابة على وجوب نصب إمام للمسلمين. فإن إجماعهم على ذلك شيء وإجماعهم بيعة إمام معين شيء آخر واختلافهم في بيعة إمام معين لا يقدح في اتفاقهم على وجوب نصب الإمام ، أي إمام كان. وقد ثبت إجماع المسلمين على امتناع خلو الوقت من إمام. ونقل إلينا ذلك بطريق التواتر فلا سبيل إلى الإنكار.
ومن حيث أنه أنكر أن القضاء وظيفة شرعية فقد قال في ص ١٠٣ «والخلافة ليست في شيء من الخطط الدينية ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة ، وإنما تلك كلها خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها فهو لم يعرفها ، ولم ينكرها ولا أمر بها ولا نهى عنها ، وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة». وكلام الشيخ علي في دفاعه يقضي بأن الذين ذهبوا إلى أن القضاء وظيفة شرعية جعلوه متفرعا عن الخلافة فمن أنكر الخلافة أنكر القضاء.