وتوهن من عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به والقدرة على الكفاح والمقاومة في سبيله وهذا شأن لا تنكره المرأة من نفسها. ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أن شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها. فقد دفعت هذه الغرائز المرأة في أسمى بيئة نسوية إلى تغليب العاطفة على مقتضى العقل والحكمة ، وآيات من سورة الأحزاب : تشير إلى ما كان من نساء النبي صلى الله عليه وسلم وتطبعهن إلى زينة الدنيا ومنعتها ومطالبتهن الرسول أن يغدق عليهن مما أفاء الله به من الغنائم حتى يعشن كما تعيش زوجات الملوك ورؤساء الأمم. لكن القرآن قد ردهن إلى مقتضى العقل والحكمة في ذلك (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) ، وآية أخرى من سورة التحريم تحدث عن غيرة بعض نسائه عليه الصلاة والسلام وما كان لها من الأثر في تغليبهن العاطفة على العقل ، مما جعلهن يدبرن ما يتظاهرن به على الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد ردهن القرآن إلى الجادة (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ ، وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ).
هذه هي المرأة في أسمى البيئات النسوية لم تسلم من التأثر الشديد بدواعي العاطفة ولم تنهض قوتها المعنوية على مغالبة نوازع الغيرة مع كمال إيمانها ونشأتها في بيت النبوة والوحي ، فكيف بامرأة غيرها لم تؤمن إيمانها ولم تنشأ نشأتها وليس لها ما تطمع به أن تبلغ شاؤها أو تقارب منزلتها؟!
فالحق إن المرأة بأنوثتها عرضة للانحراف عن مقتضى الحكمة والاعتدال في الحكم ، وهذا هو ما عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بنقصان العقل ورتب عليه ـ كما جاء في القرآن الكريم ـ إن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل وقد بنت الشريعة على هذا الفرق الطبيعي بين الرجل والمرأة التفريق بينهما في كثير من الأحكام :