جعلت القوامة على النساء للرجال؟ (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ، وجعلت حتى طلاق المرأة للرجل دونها ومنعتها السفر دون محرم أو زوج أو رفقة مأمونة ولو كان سفرها لأداء فريضة الحج. وجعلت لها حق الحضانة للصغار دون الرجل ، وأوجبت على الرجل حضور الجمعة والجماعات والجهاد ولم توجب عليها شيئا من ذلك. وإذا كان الفرق الطبيعي بين الرجل والمرأة قد أدى في نظر الشريعة إلى التفرقة بينهما في هذه الأحكام التي لا تتعلق بالشئون العامة للأمة فإن التفرقة بينهما بمقتضاه في الولايات العامة ـ التي يجب أن تكون بمنأى عن مظان التأثر بدواعي العاطفة ـ تكون في نظر الحكمة أحق وأوجب.
ومن هنا تقرر لجنة الفتوى ، أن الشريعة الاسلامية تمنع المرأة ـ كما جاء في الحديث الشريف ـ أن تلي شيئا من هذه الولايات ، وفي مقدمتها ولاية سن القوانين التي هي مهمة أعضاء البرلمان. هذا ـ وليس من الولايات العامة التي تمنع منها المرأة ما يعهد به إلى بعض النساء من الوظائف والأعمال كالتدريس للبنات وعمل الطبيبة والممرضة في علاج المرضى من النساء وتمريضهن ، فإن هذه الأعمال وما شابهها ليس فيها معنى الولاية العامة ، الذي هو سلطان الحكم وقوة الإلزام ، وقد استند دعاة حق المرأة في الانتخاب إلى بعض وقائع حسبوها من الولاية العامة التي تولتها المرأة على حين أنها ليست من هذه الولاية في شيء ، فقد قالوا إن السيدة عائشة رضي الله عنها تولت قيادة الجيش في واقعة الجمل لمقاتلة حزب علي رضي الله عنه ، وإيراد هذه الوقعة على هذا الوجه ليس فيه إنصاف للحقيقة والتاريخ. فإن السيدة عائشة لم تخرج محاربة ولا قائدة لجيش محارب ، وإنما خرجت داعية للمطالبة بدم عثمان رضي الله عنه ، وقد دفعها إلى ذلك أنها كانت ساخطة ـ كغيرها من أهل عثمان وأشياعهم ـ على خطة التريث والتمهل وعدم المبادرة بالبحث قبل كل شيء عن قتلة عثمان والاقتصاص منهم ، وهذا أمر ليس من الولاية العامة في شيء كما قلنا. على أن صنيع