السيدة عائشة هذا ليس فيه دليل شرعي يصح الاستناد إليه ، فإن كان عن اجتهاد منها. وكانت مخطئة فيه. وقد أنكر عليها بعض الصحابة هذا الخروج فاعترفت بخطئها وندمت على خروجها. وفي ذلك يروي الحافظ بن حجر في شرح صحيح البخاري يقول : أخرج عمر بن شبة من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن أن عائشة أرسلت إلى أبي بكرة ـ تدعوه إلى الخروج معها ـ فقال : إنك لأم وإن حقك لعظيم. ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «لن يفلح قوم تملكهم امرأة» ولم يخرج معها أبو بكرة.
وورد كذلك من طريق قيس بن أبي عاصم قال : لما أقبلت عائشة فنزلت ببعض مياه بني عامر نبحث عليها الكلاب فقالت : أي ماء هذا؟ فقالوا : الحواب ، فقالت : ما أظنني إلا راجعة فقالت لها بعض من كان معها : بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم. فقالت : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم : «كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحواب؟» وأخرج هذا أحمد وأبو يعلى والبزار والحاكم وصححه بن حبان وسنده على شرط الصحيح. وورد عن طريق عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه : «أيتكن صاحبة الجمل الأدبب (١) تخرج حتى تنبحها كلاب الحواب يقتل عن يمينها وعن شمالها قتلى كثيرة وتنجو بعد ما كادت» ، وأخرج أحمد والبزار بسند حسن من حديث أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب : «إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر» قال : فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال : لا ، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها.
من هذه الأحاديث المتعددة الطرق يتضح لمن اشتبه عليهم الأمر أن موقف السيدة عائشة رضي الله عنها في واقعة الجمل كان عن اجتهاد منها لم يقرها عليه كثير من الصحابة وإنها تذكرت ما أنبأ به النبي صلى الله عليه وسلم فندمت على خروجها واعترفت بخطئها.
وقد روى الطبراني بسند صحيح عن أبي يزيد المديني قال عمار بن