ياسر لعائشة لما فرغوا من الجمل : ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكن ـ يشير إلى قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) فقالت : «أبو اليقظان؟ قال نعم قالت : والله إنك ما علمت لقوال بالحق ، قال الحمد لله الذي قضى لي على لسانك» فهي تعترف بخطئها وتقر عمارا على إنكاره لصنيعها وتوافقه على أن الخروج لمثل ذلك الشأن لا يجوز للنساء.
ويجدر أن نسوق هنا ما رواه أبو يعلي والبزار عن أنس قال : أتت النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله فما لنا عمل ندرك به عمل الجهاد في سبيل الله؟ فقال : «مهنة إحداكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله» ، هذا إلى ما قدمناه من أن خروج السيدة عائشة في هذه الواقعة ليس من الولاية العامة ، فلا يتصل بموضوع اليوم في شيء.
وأبعد من ذلك عن الموضوع ما يستدل به أنصار حق المرأة في الانتخاب من أن الرسول صلى الله عليه وسلم بايع النساء كما بايع الرجال. ومبايعة النساء هذه ، هي التي جاء بها القرآن الكريم في قول الله تعالى في سورة الممتحنة : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ») ، هذه هي المبايعة التي يستدل بها أنصار حق المرأة في الانتخاب وهي عهد من الله ورسوله قد أخذ على النساء ألا يخالفن أحكام الله وأن يتجنبن تلك الموبقات المهلكات التي كان أمرها شائعا فاشيا في العرب قبل الإسلام ، فأي شيء في هذا يصلح مستندا لأنصار هذا الرأي؟. إنه لم يدع أحد أن المرأة ممنوعة من تلقي دروس العلم والمعرفة أو من حضور مجالس العلم محتشمة لسماع تعاليم الدين والوعظ والارشاد ، بل إن الإسلام يحتم عليها أن تتعلم وتتثقف وتتأدب بآداب الدين الصحيحة كما يحتم ذلك على الرجل ، فهذا حق لها وواجب عليها. حق لها على