لا يبيع أحد زرعا غير زرع المخزن ، وباع للناس ستّة أشهر فخاف المحتكرون فساد زرعهم بالسوس فرغبوا أن يؤذن لهم في البيع فأذن لهم على أن باعوه بأقلّ من القيمة الأولى التي امتنعوا من بيعه (٤٤) بها.
وكان لا يركب لجمعة ولا عيد ولا سواهما ، وسبب ذلك أنه كان له ابن أخ يسمّى سليمان شاه (٤٥) ، وكان يحبّه ويعظّمه ، فركب يوما إلى الصيد وهو معه وأضمر في نفسه أن يفعل به ما فعل هو بعمّه جلال الدين من الفتك ، فلما نزل للغداء رماه بنشّابة فصرعه وغطّاه بعض عبيده بترس وأتى ابن أخيه ليجهز عليه فقال له العبيد : إنه قد مات فصدّقهم ، وركب فدخل القصر على الحرم ، وأفاق السلطان علاء الدين من غشيته وركب واجتمعت العساكر عليه ، وفرّ ابن أخيه فأدرك وأوتي به إليه فقتله ، وكان بعد ذلك لا يركب.
وكان له من الأولاد خضر خان ، وشادي خان ، وأبو بكر خان ، ومبارك خان ، وهو قطب الدين الذي ولى الملك وشهاب الدين ، وكان قطب الدين مهتضما عنده ، ناقص الحظّ، قليل الحظوة. وأعطى جميع إخوته المراتب وهي الأعلام والأطبال ، ولم يعطه شيئا وقال له يوما: لا بدّ أن أعطيك مثل ما أعطيت إخوتك ، فقال له : الله هو الذي يعطيني! فهال أباه هذا الكلام ، وفزع منه.
ثم إنّ السلطان أصابه المرض الذي مات منه ، وكانت زوجته أم ولده خضر خان ، وتسمى ماه حق ، والماه القمر بلسانهم (٤٦) ، لها أخ يسمى سنجر ، فعاهدت أخاها على تمليك ولدها خضر خان (٤٧) ، وعلم بذلك ملك نائب أكبر أمراء السلطان وكان
__________________
(٤٤) بعد الحملات المتوالية للمغول في السنوات الأولى من القرن الثامن الهجري ـ الرابع عشر الميلادي أحس علاء الدين بالحاجة إلى جيش قوي تؤدّي له الأجرة أحسن أداء. لكنه عوض أن يزيد في الأجور اختار أن يخفض من ثمن المواد الغذائية التي كانت مرتفعة بسبب التضخم المالي الناتج عن كثرة الذّهب الوارد من الجنوب بسبب الغارات ولأجل هذا فإنه أنشأ احتكارا في الشراء بأثمان محدودة وسجّل سائر التجار ، وحدد لهم سعرا معينا للفائدة ، وكان على الفلاحين أيضا أن يجبروا على بيع منتوجاتهم للتجار بأثمان كذلك محدودة. بسبب هذا وفي إطار هذه السياسة أنشأت الحكومة كذلك مخازن كبرى للمواد الغذائية التي وجدها ابن بطوطة ، بعد ثلاثين سنة وتحدث عنها ...
(٤٥) ولد الأخ هذا يسمى أقط (akat) خان في المصادر الهندية.
(٤٦) ماه : بدون ألف كلمة فارسية تعني الشهر ومنه يأتي التعبير في البلاد التي كانت محكومة من قبل الأتراك عن الواجب الشهري : بماهية فلان يعني أجرته الشهرية.
(٤٧) اسم الملكة كان هو ماهرو (mahru) ، ولقبها هو ملكة جهان ، كانت أختا لملك سنجار الذي ، لأجل أنه قتل جلال الدين فيروز بيده ، أعطى لقب ألب خان وأصبح نتيجة لذلك من المرافقين الرئيسيين لعلاء الدين. ابنته تزوجت بتاريخ ٧١٢ ـ ١٣١٢ بخضر خان ، وأخذت العائلة تستعد حقيقة لكي يتبوأ العرش خضر خان هذا ...