ذكر ما أعطاه السلطان للأمير سيف الدين
غدا بن هبة الله بن مهنّى أمير عرب الشام.
ولما قدم هذا الأمير (٥٩) على السلطان أكرم مثواه وأنزله بقصر السلطان جلال الدين داخل مدينة دهلى ، ويعرف بكشك لعل ، ومعناه القصر الأحمر ، وهو قصر عظيم فيه مشور كبير جدا ودهليز هائل ، على بابه قبة (٦٠) تشرف على هذا المشور ، وعلى المشور الثاني الذي يدخل منه إلى القصر ، وكان السلطان جلال الدين يقعد بها وتلعب الكرة بين يديه في هذا المشور ، وقد دخلت هذا القصر عند نزوله به فرأيته مملوا أثاثا وفرشا وبسطا وغيرها ، وذلك كله متمزق ، لا منتفع فيه ، فإن عادتهم بالهند أن يتركوا قصر السلطان إذا مات بجميع ما فيه لا يعرضون له ويبنى المتولي بعده قصرا لنفسه ، ولما دخلته طفت به وصعدت إلى أعلاه ، فكانت لي فيه عبرة نشأت عنها عبرة وكان معي الفقيه الطيب الأديب جمال الدين المغربي الغرناطي الأصل البجائي المولد ، مستوطن بلاد الهند قدمها مع أبيه ، وله بها أولاد ، فانشدني عند ما عايناه ،
سلاطينهم سل الطّين عنهم |
|
فالرؤوس العظام صارت عظاما! (٦١) |
وبهذا القصر كانت وليمة عرسه كما نذكره ، وكان السلطان شديد المحبة في العرب مؤثرا لهم معترفا بفضائلهم فلما وصله الأمير أجزل له العطاء وأحسن إليه إحسانا عظيما ، وأعطاه مرة ، وقد قدمت عليه ، هدية أعظم ملك البايزيدي (٦٢) من بلاد مانكبور أحد عشر فرسا من عتاق الخيل وأعطاه مرة أخرى عشرة من الخيل مسرجة بالسروج المذهبة عليها اللجم المذهّبة ثم زوجه بعد ذلك بأخته فيروز خوندة.
ذكر تزوج الأمير سيف الدين بأخت السلطان
ولما أمر السلطان بتزويج أخته للأمير غدا عيّن للقيام بشأن الوليمة ونفقاتها الملك فتح
__________________
(٥٩) ورد اسم غدا (٢٦٣ ـ ١٦٣ ,i) ـ التعليق ١٩٧ كما ورد ٥٥١ ,iii وكما قلنا لم نجد أثرا لذكر هذا الأمير العربي في غير رحلة ابن بطوطة ولعلّ اللّفظ عذا اختصار لعوذة التي لها في المشرق دلالتها ... د.
مصطفى الحياري : الإمارة الطائية في بلاد الشام ، عمان وزارة الشباب ١٩٧٧ ص ٧١. ـ أحمد وصفي زكريا ، عشائر الشام ـ معرض الكتاب بالقاهرة ١٩٩٥.
(٦٠) يراجع الجزء٠٨١ ,ii.
(٦١) ينبغي أن نقف قليلا مع هذا البيت بما يحتويه من تلاعب جميل بالكلمات مرتين حيث جمع بين (سلاطين) وهم الملوك وبين (سل الطين) يعني اسأله أي الصلصال ، والطفل والوحل ، ثم جمع بين (العظام) جمع عظيم وبين (العظام) جمع عظم!!
(٦٢) سيذكر البايزيدي (٧٦٣ ـ ٦٦٣ ,iii) منعوتا بمصاهرته للسلطان ـ مانكبور تقدمت ١٨١ ,iii.