ذكر خلاف القاضي جلال
وكان القاضي جلال وجماعة من الأفغانيّين قاطنين بمقربة من مدينة كنباية ومدينة بلوذرة(٥٨) ، فلمّا كتب السلطان إلى عمّاله بالقبض على الأفغانيّين كتب إلى ملك مقبل (٥٩) نائب الوزير ببلاد الجزرات ، ونهروالة (٦٠) أن يحتال في القبض على القاضي جلال ومن معه ، وكانت بلاد بلوذرة إقطاعا لملك الحكماء ، وكان ملك الحكماء متزوّجا بربيبة السلطان زوجة أبيه تغلق ، ولها بنت من تغلق هي التي تزوّجها الأمير غدا ، وملك الحكماء اذ ذاك في صحبة مقبل ، لان بلاده تحت نظرة فلمّا وصلوا إلى بلاد الجزرات أمر مقبل ملك الحكماء أن ياتي بالقاضي جلال وأصحابه ، فلمّا وصل ملك الحكماء إلى بلاده حذّرهم في خفيّة لأنّهم كانوا من أهل بلاده ، وقال : إنّ مقبلا طلبكم ليقبض عليكم ، فلا تدخلوا عليه إلّا بالسلاح فركبوا في نحو ثلاثماية مدرّع وأتوه ، وقالوا : لا ندخل الّا جملة فظهر له انّه لا يمكن القبض عليهم ، وهم مجتمعون وخاف منهم فأمرهم بالرجوع وأظهر تأمينهم فخالفوا عليه ، ودخلوا مدينة كنباية ونهبوا خزانة السلطان بها وأموال الناس ونهبوا مال ابن الكولمي التاجر وهو الذي عمّر المدرسة الحسنة باسكندريّة ، وسنذكره إثر هذا.
وجاء ملك مقبل لقتالهم فهزموه هزيمة شنيعة ، وجاء الملك عزيز الخمّار (٦١) والملك جهان بنبل؟ لقتالهم في سبعة آلاف من الفرسان فهزموهم أيضا (٦٢) وتسامع بهم أهل
__________________
(٥٨) بلوذرة هي بروشا (broach) الحالية على مصب وادي نارمادا (narmada) في خليج كامبي (cambay) وقد سميت عند الإدريسي بروش ...
(٥٩) ملك مقبول ، هندي من فرقة البراهمة في تيلينگانا (tilingana) اعتنق الاسلام ، شارك في قمع ثورات الجزرات وأمسى من أهم الشخصيات الرئيسية للسلطنة في نهاية دولة محمد بن تغلق ، سمى وزيرا أول ووصيا على السلطنة من لدن الحاكم الذي خلف محمد ، توفى ٧٧٤ ـ ١٣٧٢ ـ ١٣٧٣. وقد عوضه ولده في مهامّه.
(٦٠) نهروالة (anhilwara) العاصمة القديمة للجزرات فتحت من لدن علاء الدّين خليجي عام ١٢٩٧ م وهي بّاطان الحالية ، اليها ينتسب قطب الدّين النهروالي ٩٠٠ ـ ١٥٨٢ ـ iii ٢٤٦ ـ ٢٧٩.
د. التازي : ابن ماجد والبرتغال : مجلة أرابيكاarabica ـ مجلد ٣٥ ـ ١٩٨٨ ص ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٦١) الخمّار (المتّجر في الخمر) المعروف أكثر تحت لقب الحمار بسبب سمعته ، كان مشهورا بابتزازه ونهبه ، أرسله السلطان ليكوّن قواد المائة» ، وهو إطار يعني إعداد طائفة من الذين يعملون على جمع الزكوات وتجعل تحت اشراف كل واحد منهم مائة قرية. الأمر الذي سبب الثورة حوالي سنة ٧١٤ ـ ١٣٤٤. هذه الحركات كانت بعد انصراف ابن بطوطة من دهلي وقد عرفها وسمعها عندما كان في الجنوب الهندي ... ثورة جلال الدين حكيت بتفصيل من قبل المؤرخ عصامي في كتابه «فتوح السلاطين». ثورات الجزرات المرتبطة بثورات (deccan) شغلت محمد بن تغلق طوال بقية حياته إلى أن أدركه أجله عام ٧٥٢ ـ ١٣٥١.
(٦٢) توفي عزيز الخمار في هذه المعركة التي جرت في شعبان ٧٤٥ ـ دجنبر ١٣٤٤.