عسكر القاضي جلال شيخ يسمّى جلّول (٦٦) ، وهو أحد الشجعان فلا يزال يفتك في العساكر ويقتل ويطلب المبارزة فلا يتجاسر أحد على مبارزته ، واتّفق يوما أنّه دفع فرسه فكبا به في حفرة فسقط عنه وقتل ووجدوا عليه درعين فبعثوا برأسه إلى السلطان وصلبوا جسده بسور بلوذرة وبعثوا يديه ورجليه إلى البلاد.
ثمّ وصل السلطان بعساكره فلم يكن للقاضي جلال من ثبات ففرّ في أصحابه وتركوا أموالهم وأولادهم فنهب ذلك كلّه ، ودخلت المدينة (٦٧) واقام بها السلطان أيّاما ثمّ رحل عنها وترك بها صهره شرف الملك امير بخت الذي قدّمنا ذكره وقضيّة فراره ، وأخذه بالسند وسجنه وما جرى عليه من الذلّ ، ثمّ من العزّ ، وأمر بالبحث عمّن كان في طاعة جلال الدين ، وترك معه الفقهاء ليحكم باقوالهم فأدّى ذلك إلى قتل الشيخ عليّ الحيدريّ (٦٨) حسبما قدّمناه.
ولمّا هرب القاضي جلال لحق بناصر الدّين بن ملك ملّ بدولة آباد ودخل في جملته(٦٩)فأتى السلطان بنفسه إليهم واجتمعوا في نحو أربعين الفا من الأفغان والترك والهنود والعبيد وتحالفوا على أن لا يفرّوا وأن يقاتلوا السلطان ، وأتى السلطان لقتالهم ، ولم يرفع الشطر الذي هو علامة عليه ، فلمّا استحرّ القتال رفع الشطر فلمّا عاينوه دهشوا وانهزموا أقبح هزيمة ولجأ ابن ملك ملّ والقاضي جلال في نحو أربعمائة من خواصهما إلى قلعة الدّويقير ، وسنذكرها(٧٠) ، وهي من أمنع قلعة في الدنيا ، واستقرّ السلطان بمدينة دولة آباد ، والدّويقير هي قلعتها ، وبعث لهم أن ينزلوا على حكمه فأبوا أن ينزلوا إلّا على الأمان فأبى السلطان أن يؤمنهم وبعث لهم الأطعمة تهاونا بهم وأقام هنالك ، وعلى ذلك آخر عهدي بهم (٧١).
__________________
(٦٦) يسمّى جاه أفغان عند عصامي ، ولعلّ من المفيد أن نشير هنا إلى أن اسم (جلّول) أخذ بعض اتباع الطريقة الجيلانية يطلقونه على بعض المنتسبين للشيخ عبد القادر الجيلاني أو الجيلالي وربما انحرف الدجلّون.
(٦٧) قتل جاه اثناء طلعة لفرقة عسكريّة مخلصة لباروش (baruch) وقد شتتت جيوشه في جمادى الأولى ٧٤٦ ـ شتنبر ١٣٤٥ قبل وصول محمد ابن تغلق الذي دخل إلى كنباية (cambay) في نونبر ...
(٦٨) الحديث عن تاريخ علي الحيدري تقدم في ١١٣ ـ ٩٠٣ ,iii وقد جرى هذا اذن عام ٧٤٦ ـ ١٣٤٥.
(٦٩) من المعلوم بأن قواد المائة المنهزمين من طرف محمد بن تغلق في الجزرات فروا إلى دولة أباد وأسهموا في إعادة الثورة من هذا المكان. محمد بن تغلق غادر باروش (baruch) في محرم ٧٤٧ ـ مايه ١٣٤٦ للوصول أمام دولة أباد في أكتوبر.
(٧٠) سيتم وصف مدينة دولة أباد ... في ١٥ ـ ٦٤ ,iv.
(٧١) كان على محمد بن تغلق أنّ يعود إلى الجزرات حتى يخمد ثورة جديدة ، أمّا عن قواد المائة التابعين له والذين بقوا في المكان فقد قضى عليهم من قبل حسن الذي أعلن عن نفسه ملكا يوم ٢٤ ربيع الثاني ٧٤٨ ـ ٣ غشت ١٣٤٧. (انظر التعليق السابق ٦٤) ذهاب السلطان يؤرخ بشهر مارس ١٣٤٧ ـ ذي الحجة ٧٤٧. هذا ويلاحظ أن اخبار ابن بطوطة الذي سيودّع قاليقوط أخيرا في اتجاه الجزيرة العربية في نهاية نفس الشهر تقف قبل هذا بقليل ...